قال أنس: فأنزل الله تعالى لنبيِّه - صلى الله عليه وسلم - في الذين قُتِلوا أصحابِ ببئرِ مَعونة قرآنًا قرأناه حتَّى نُسخ بعدُ:"بَلِّغُوا قومَنا فقد لَقِينا ربَّنا، فرضي عنَّا، ورضينا عنه".
متفق عليه: رواه مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك فذكره.
ورواه البخاري في المغازي (٤٠٩٥) عن يحيى بن بكير، ومسلم في المساجد (٦٧٧) عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك واللفظ للبخاري، وزاد مسلم "وذكوان" بعد "رِعْلٍ".
وفي رواية عند البخاريّ (٤٠٩١) عن موسى بن إسماعيل، ثنا همَّام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعث خالَهُ - أخٌ لأمِّ سُلَيم - في سبعينَ راكبًا، وكان رئيسَ المشركينَ عامرُ بن الطُّفَيل خَيَّرَ بينَ ثلاثِ خِصالٍ فقال: يكون لكَ أهلُ السهلِ ولي أهل المَدَر، أو أكونَ خَليفتَكَ، أو أغزوكَ بأهل غَطَفان بألفٍ وألف. فطُعِنَ عامرٌ في بيتِ أمِّ فلانٍ فقال: غُدَّةٌ كغدَّةِ البَكر، في بيتِ امرأةٍ من آلِ بني فلان. ائتوني بِفَرَسي، فمات على ظَهرِ فرَسِه، فانطلق حرامٌ أخو أمِّ سلَيم، وهو رجلٌ أعرج ورجل من بني فلان قال: كونا قريبًا حتى آتِيَهم، فإن آمَنوني كنتم، وإن قتلوني أتيتم أصحابَكم، فقال: أتُؤَمِّنوني أُبلِّغْ رسالةَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فجعل يُحدِّثُهم، وأومَئوا إلى رجل فأتاهُ من خلفهِ فطعَنَه، قال همَّامٌ أحسبُه حتى أنفَذَهُ بالرُّمح، قال: الله أكبرُ، فزتُ وربِّ الكعبة، فلُحِق الرجل فقُتلوا كلُّهم غير الأعرج كان في رأسِ جبل، فأنزَل الله علينا ثمَّ كان من المنسوخ "إنا قد لَقينا ربَّنا، فرضي عنّا وأرضانا" فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم ثلاثينَ صباحًا، على رِعل وذكوان وبني لَحيانَ وعُصيَّة الذين عَصَوا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -".
فجمع النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الدعاء على بني لَحيان وبني عُصَيَّة الذين غادروا بأصحاب عاصم بن ثَابت أمير سرية غزوة الرجيع، وعلى رِعْل وذكوان الذين غادروا بالقراء السبعين وقتلوهم عند بئر مَعونة، وذلك لقربهما في الوقوع، بل زعم الواقدي أن خبر بئر مَعونة وخبر أصحاب الرجيع جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة واحدة، ولذا جمع أنس بن مالك في الدعاء بين رِعْل وذكوان، وعُصَيَّة وبني لَحيان.
• عن أنس بن مالك أنَّ رِعْلًا وذكوانَ وعُصَيَّةَ وبني لَحيانَ استمدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عدوٍّ فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نُسمِّيهم القُراءَ في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار، ويُصلُّون بالليل، حتَّى كانوا ببئر مَعونة، قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقنت شهرًا يدعو في الصبح على أحياء من أحياءِ العرب: على رِعْلٍ وذكوان وعُصَيَّةَ وبني لَحْيانَ.
قال أنس: فقرأنا فيهم قرآنًا، ثم إنَّ ذلك رُفِع: "بَلِّغوا عَنَّا قومنا أنَّا لقينا ربَّنا فرضي عنا وأرضانا".
متفق عليه: رواه البخاري في المغازي (٤٠٩٠) عن عبد الأعلى بن حماد، حدثنا يزيد بن