قلت: وفي كلا الحالين سواء كان باهِلِيًّا أو أزديًّا فالإسناد ضعيف.
وفي الإسناد أيضًا عبد الرحمن بن أبي ذُباب لم يوثقه غير ابن حبان فهو في مرتبة "مقبول" عند الحافظ.
ومن تأويلات عثمان ما بيَّنه هو نفسه: إنما يقصر الصلاة من حمل الزاد والمزاد، وحل وارتحل. ذكره الطحاوي في "شرحه" (١/ ٤٢٦) وذكره فيه تأويلات أخرى أيضًا. انظر للمزيد "أحكام السفر والإقامة" (٤٩) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى. وخلاصته ما قاله النووي بأنَّ عثمان كان يرى القصر جائزًا لا واجبًا.
• عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاةَ على لسان نبيكم في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة.
صحيح: رواه مسلم في صلاة المسافرين (٦٨٧) من طرق عن مجاهد وغيره عن ابن عباس، وعن موسى بن سلمة الهُذَلي قال: سألت ابن عباس: كيف أُصَلِّي إذا كنتُ بمكة، إذا لم أُصَلِّ مع الإمام. فقال: ركعتين. سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -.
• عن عمر قال: صلاة السفر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، والفطر والأضحى ركعتان، تمام غير قَصْرٍ على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم -.
حسن: رواه ابن ماجة (١٠٦٤) من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن زبيد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجرة، عن عمر فذكره.
وإسناده حسن لأجل يزيد بن زياد بن أبي الجعد الأشجعي فإنه "صدوق".
ومن هذا الوجه رواه ابن خزيمة في صحيحه (١٤٢٥)، والبيهقي (٣/ ١٩٩).
وخالفه سفيان الثوري فرواه عن زبيد ولم يذكر كعب بن عُجْرة بين ابن أبي ليلى وعمر. ومن هذا الوجه رواه النسائي (١٥٦٦)، والإمام أحمد (٢٥٧)، وابن حبان (٢٧٨٣)، وسفيان أحفظ من يزيد بن زياد بن أبي الجعد، ولذا رجَّح أبو حاتم رواية الثوري. انظر: "العلل" (١/ ١٣٨).
قلت: تابعه على ذلك شعبة عند النسائي (١٤٤٠) وشريك بن عبد الله عند ابن ماجة (١٩٦٣) فروياه عن زبيد ولم يذكرا "كعب بن عُجْرة" بين عبد الرحمن بن أبي ليلى وعمر بن الخطاب.
واختلف أهل العلم في سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر بن الخطاب فقال النسائي وغيره: "إنه لم يسمع منه". وأثبته مسلم في مقدمة صحيحه قائلًا: "وأسند عبد الرحمن بن أبي ليلى، وحفظ عن عمر بن الخطاب ... وصحب عليًّا، وروى عن أنس بن مالك، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثًا".
فمرة روايته عن كعب بن عُجرة، عن عمر بن الخطاب، وأخرى عنه مباشرة فيُحكم على الأوَّل بأنّه: المزيد في متصل الأسانيد، أو كان أولًا سمع من كعب بن عجرة، ثم تيسر له السماع من عمر بن الخطاب فروى زبيد على وجهين وتلاميذه كل منهم روى على وجه واحد. والله أعلم بالصواب.