وقوله: "وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة" أي بدعاء نبيك كما يدل عليه بداية الحديث، فدعا له النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعلمه هذا الدعاء، فعاد بصيرا، وهذا خاصٌّ بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقوله: "اللَّهم شفّعه فيّ" أي تقبّل دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجتي هذه.
وفي الباب ما رُوي عن عبد الله بن أبي أوفي، وابن عباس، وأنس، وأبي الدّرداء.
فأمّا حديث ابن أبي أوفي، فرواه الترمذي (٤٧٩)، وابن ماجه (١٣٨٤) كلاهما من طريق فائد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي أوفي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له إلى الله حاجة، أو إلى أحد من بني آدم فليتوضّأ فليحسن الوضوءَ، ثم ليصل ركعتين، ثم ليُثْنِ على الله، وليُصلِّ على النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم ليقلْ: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربّ العرش العظيم، الحمد لله ربّ العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كلّ بر، والسّلامة من كلّ إثم، لا تدعْ لي ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرّجته، ولا حاجةً هي لك رضًا إلا قضيتها يا أرحم الرّاحمين".
واللّفظ للترمذيّ، ولم يذكر ابن ماجه قوله: "يا أرحم الرّاحمين". ولكنه زاد في آخر الحديث: "ثم يسأل الله من أمر الدّنيا والآخرة ما شاء فإنّه يُقَدَّر".
قال الترمذيّ: "هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال؛ فائد بن عبد الرحمن يُضعَّف في الحديث، وفائد هو أبو الورقاء" انتهي.
قلت: بل فائد بن عبد الرحمن الكوفيّ أبو الورقاء ضعيف جدًّا، قال الحافظ في "التقريب": "متروك اتّهموه".
وأمّا قول الحاكم في "المستدرك" (١/ ٣٢٠): "فائد بن عبد الرحمن أبو الورقاء كوفيّ، عداده في التابعين، وقد رأيت جماعة من أعقابه، وهو مستقيم الحديث إلا أنّ الشيخين لم يخرجا عنه، وإنّما جعلتُ حديثه هذا شاهدًا لما تقدّم".
يعني شاهدًا لحديث ابن عباس في صلاة التسبيح فليس كما قال، ولذا تعقبه الذهبي فقال: "بل متروك".
وقد جاء في "التهذيب" عن الحاكم نفسه أنه قال: "روي عن ابن أبي أوفي أحاديث موضوعة". فلعله غفل عن هذا، فأتي بكلام متناقض، والخلاصة أن فائد بن عبد الرحمن ضعيف جدًّا كما قلت.
وأمّا حديث ابن عباس، فرواه الأصبهانيّ في "الترغيب" (١٢٨٠) من طريق محمد بن زكريا البصري، نا الحكم بن أسلم، نا أبو بكر بن عياش، عن أبي الحصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جاء جبريل عليه السلام بدعوات فقال: إذا نزل بك أمرٌ من أمر دنياك، فقدِّمْهنّ، ثم سلْ حاجتَك: يا بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، يا صريخ المتصرّخين، يا غياث المستغيثين، يا كاشف السّوء، يا أرحم الرّاحمين، يا مجيب دعوة