للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقه الحديث:

اختلف أهل العلم في سجود التلاوة. فقال أبو حنيفة وأصحابه واجبٌ، وقال مالك والشافعي والأوزاعي والليث بأنه مسنونٌ وليس بواجبٍ.

وقد ثبت من الآثار أن عمر بن الخطاب قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل، حتى إذا جاء السجدةَ نزل، فسجد، وسجد الناسُ، حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ بها حتى إذا جاء السجدة قال: يا أيُّها الناس، إنَّا نَمُرُّ بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. ولم يسجد عمر رضي الله عنه.

رواه البخاري في سجود القرآن (١٠٧٧) من طريق ابن جُريج قال: أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة، عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي، عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه حضر عمر بن الخطاب يوم الجمعة فذكره.

وزاد نافع عن ابن عمر: إن الله لم يفرِض السجود إلا أن نَشاءَ.

ورواه عبد الرزاق، عن ابن جريج به مثله: "مصنف عبد الرزاق" (٣/ ٣٤١).

قال ابن عبد البر: هذا عمر وابن عمر ولا مخالف لهما من الصحابة. فلا وجه لقول من أوجب سجود التلاوة فرضًا، لأن الله لم يوجبه ولا رسوله، ولا اتفق العلماء على وجوبه، والفرائض لا تثبت إلا من الوجوه التي ذكرنا، أو ما كان في معناه "الاستذكار" (٨/ ١٠٩).

وأما عدد السجود في القرآن الكريم فممَّا لا خلاف فيه هي عشرة: الأعراف، والرعد، والنحل، وبنو إسرائيل، ومرْيم، وأول سجدة في الحج، والفرقان، والنمل، والسجدة، وفُصلت.

واختلفوا في {ص} فقالوا: إنها توبة نَبِي، فسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - شكرًا لله.

كما اختلفوا أيضًا في السجدة الثانية في الحج والسجدات في المفصل (النجم والإنشاق والعلق) فذهب جمهور أهل العلم إلى أن فيها سجدة. واستدلوا بالأحاديث التي سوف تأتي

وأما من قال: ليس في المفصل سجود فاستدل بحديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحوَّل إلى المدينة.

رواه أبو داود (١٤٠٣) عن محمد بن رافع، حدثنا أزهر بن القاسم، قال محمد: رأيتُه بمكة، حدثنا أبو قدامة، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

وإسناده ضعيف، أبو قُدامة اسمه: الحارث بن عبيد أيادي بصري لا يحتج بحديثه.

قال البيهقي (٢/ ٣١٢، ٣١٣): "هذا الحديث يدور على الحارث بن عبيد أبي قدامة الأيادي البصري، وقد ضعَّفه يحيى بن معين".

قلت: وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه لا يحتج به، وقال النسائي: ليس بذاك القوي وقال ابن حبان: كان ممن كثُر وهمُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>