متفق عليه: رواه البخاري في الصلاة (٤١٥)، ومسلم في المساجد (٥٥٢) كلاهما من حديث شعبة قال: حدثنا قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك فذكره.
وفي مسلم: قال شعبةُ: سألت قتادةَ عن التفل في المسجد؟ فقال: سمعتُ أنس بن مالك يقول: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "التَّفْلُ في المسجد خطيئة، وكفارتها دَفْنُها". والتفلُ أخف من البزاق.
قال النووي رحمه الله تعالي: واعلم أن البزاق في المسجد خطيئة مطلقًا، سواء احتاج إلى البزاق، أو لم يحتج، بل يبزق في ثوبه، فإن بزق في المسجد فقد ارتكب الخطيئة، وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق، وهذا هو الصواب أن البزاق خطيئة، كما صرَّح به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال العلماء والقاضي عياض فيه كلام باطل، حاصله: أن البزاق ليس بخطيئة إلا في حقِّ من لم يُدفنه. وأما من أراد دَفْنَه فليس بخطيئة، واستدل له بأشياء باطلة. فقوله هذا غلط صريح مخالف لنص الحديث، ولما قاله العلماء نبهتُ عليه لئلا يُغترّ به". انتهى. شرح صحيح مسلم (٥/ ٤١).
ورجّح الحافظ ابن حجر في "الفتح" (١/ ٥١٢) قول القاضي عياض وقال: "وقد وافق القاضي جماعةٌ منهم ابن مكي في "التنقيب" والقرطبي في "المُفْهِم" وغيرهما، ويشهد لهم ما رواه أحمد بإسناد حسن من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعًا: "من تنخم في المسجد فليغيب نخامتَه أن تُصيب جلد مؤمن، أو ثوبه فتؤذيه" وأوضح منه في المقصود ما رواه أحمد أيضًا والطبراني بإسناد حسن من حديث أبي أمامة مرفوعًا قال: "من تنخع في المسجد فلم يُدفِنْه فسيئةٌ، وإن دفنه فحسنةٌ" فلم يجعله سيئة إلا بقيد عدم الدفن، ونحوه حديث أبي ذر عند مسلم مرفوعًا.
"قال: ووجدتُ في مساوي أعمال أمتي النخاعة تكون في المسجد لا تُدفن" قال القرطبي: فلم يثبتْ لها حكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد، بل به ويتركها غير مدفونة". انتهى.
وأما الأحاديث التي أوردها الحافظ فسيأتي تخريجها.
• عن أنس بن مالك قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة في قبلة المسجد، فغضب حتى احمرَّ وجهُه، فقامت امرأة من الأنصار فحكَّتْها، وجعلت مكانها خلوقًا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أحسن هذا؟ ".
حسن: رواه النسائي (٧٢٨)، وابن ماجه (٧٦٢) كلاهما من طريق عائذ بن حبيب، عن حُميد، عن أنس فذكر الحديث.
وإسناده حسن لأجل عائذ بن حبيب فإنه صدوق، وإن كان رُمِيَ بالتشيع، فقد أثنى عليه الإمام أحمد وقال: كان شيخًا جليلًا عاقلًا، وقال ابن معين: صويلح. وتكلم فيه الجوزجاني فقال: غال زائغ.
قلت: الغلو في التشيع لا يمنع من قبول روايته إذا كان صدوقًا أمينًا، وأخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه (١٢٩٦) من هذا الوجه إلا أنه قال: حديث غريب.
• عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأي في جدار القبلة مُخاطًا أو