فتارة يروي عن هذا، وتارةً عن هذا وكله صحيح. وإليه أشار محمد بن يحيى الذهلي قائلًا: هذا هو المحفوظ؛ لأنَّ ابن وهب قديم السماع من ابن لهيعة. انظر "السنن الكبري" (٣/ ٢٨٧).
وأمّا ما نقله الترمذيّ في "العلل الكبير" (١/ ٢٨٨، ٢٨٩) عن البخاريّ بأنَّه ضعَّفه وقال: لا أعلمه رواه غير ابن لهيعة. وقال أيضًا الحاكم (١/ ٢٩٨): "تفرّد به عبد الله بن لهيعة، وقد استشهد به مسلم في موضعين".
فهو كلام متّجه، لأنَّ مداره على ابن لهيعة، ولكن في رأي جمهور أهل العلم أن تفرده لا يضر ما دام روى عنه أحد العبادلة وهم قديم السماع منه.
• عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: "التكبير في الفطر سبعٌ في الأوّلى، وخمسٌ في الآخرة، والقراءة بعدهما كلتيهما".
حسن: رواه أبو داود (١١٥١) عن مسدد، حَدَّثَنَا المعتمر، قال: سمعتُ عبد الله بن عبد الرحمن الطائفيّ، يحدِّث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص فذكره.
ومن طريقه رواه الدَّارقطنيّ (٢/ ٤٨)، والبيهقي (٣/ ٢٨٥).
وإسناده حسن لأجل الكلام في عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي غير أنه حسن الحديث، وقد وثَّقه ابن معين في رواية، وفي رواية قال: صويلح، وفي رواية: ضعيف، وضعَّفه أيضًا النسائيّ ووثَّقه العجليّ، وقال البخاريّ: مقارب الحديث. وصحَّح هذا الحديث فيما نقله الترمذيّ في "العلل الكبير" (١/ ٢٨٨) ونقل الحافظ ابن حجر في التلخيص: تصحيحه عن الإمام أحمد.
وقال في الفتوحات الربانية (٤/ ٢٤١): "حسن صحيح".
وقال النوويّ في "المجموع" (٥/ ٢١): "صحيح، رواه أبو داود وغيره بأسانيد حسنة".
ثمّ قال أبو داود: ورواه وكيع وابن المبارك، قالا: سبْعًا وخمسًا.
قلت: حديث وكيع روى عنه الإمام أحمد (٦٨٨) عن عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كبَّر في عيدٍ ثنتي عشرة تكبيرة، سبْعًا في الأوّلى، وخمسًا في الآخرة، ولم يُصَلِّ قبلها ولا بعدها.
وحديث ابن المبارك رواه ابن ماجة (١٢٧٨) عن محمد بن العلاء، عن ابن المبارك، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كبَّر في صلاة العيد سبْعًا وخمسًا.
وكذلك رواه أبو نُعَيم، عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي قال: سمعت عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبَّر في العيد يوم الفطر سبعًا في الأولى، وفي الآخرة خمسًا سوي تكبيرة الإحرام. رواه الدَّارقطني من طريقه، فجعل وكيع وابن المبارك وأبو نعيم من فعل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لا من قوله، وهذا هو الأرجح وهو الذي صحَّحه البخاريّ.