فقوله: هو أصح شيءٍ في الباب، يعني أشبه ما في الباب، وأقل ضعفًا. وقوله: وبه أقول: يحتمل أن يكون من كلام الترمذيّ، أي أنَّ أقول، إن هذا الحديث أشبه ما في الباب. وكذا قوله: وحديث الطائفي صحيح، يحتمل أن يكون من كلام الترمذيّ، وقد عُهِد منه تصحيح حديث عمرو بن شعيب، فظهر من ذلك أنَّ قول البخاري: أصح شيءٍ؛ ليس معناه صحيحًا، ثمّ تكلم على كثير بن عبد الله ونقل كلام أهل العلم في تضعيفه. انتهى.
قلت: كلام ابن القطان متجه، لأن البخاريّ لا يصحح حديث كثير بن عبد الله، إِلَّا أنه يرى أن حديث عمرو بن شعيب هو أصح ما في الباب، يعني غيره أضعف منه ولذا اعتمده أهل الحديث فجعلوا التكبير في الأوّلى سبعًا وفي الثانية خمسًا.
قلت: وفي الباب أحاديث أخرى منها حديث سعد المؤذن، وجابر بن عبد الله وابن عمر وغيرهم وكلها ضعيفة، والتي ذكرتها أصحّها.
وبه قال جماعة من الصّحابة والتابعين.
روي مالك في العيدين (٩) عن نافع مولى عبد الله بن عمر، أنه قال: شهدتُ الأضحى والفِطر مع أبي هريرة، فكبَّر في الركعة الأوّلى سبع تكبيرات قبل القراءة. وفي الآخِرة خمس تكبيرات قبل القراءة.
قال مالك: وهو الأمر عندنا.
وقال الإمام أحمد: وبهذا آخذ "مسائل أحمد لابنه" (٢/ ٤٢٨).
وقال الترمذيّ: وهو قول أهل المدينة، وبه يقول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، ورُوي عن عبد الله بن مسعود أنَّه قال في التكبير في العيدين: تسع تكبيرات. في الركعة الأوّلى خمسًا قبل القراءة. وفي الركعة الثانية يدا بالقراءة ثمّ يُكبِّر أربعًا مع تكبيرة الركوع، وقد رُوي عن غير واحد من أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا. وهو قول أهل الكوفة وبه يقول سفيان الثوري". انتهى.
وأمّا ما رواه أبو عائشة -جليسٌ لأبي هريرة- أنَّ سعيد بن العاص سأل أبا موسى الأشعري وحذيفة بن اليمان: كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُكبِّر في الأضحى والفِطر؟ فقال أبو موسى. كان يُكبِّر أربعًا تكبيرةُ على الجنائز، فقال حذيفة: صدق، فقال أبو موسى: كذلك كنت أكبِّر في البصرة حيث كنت عليهم، وقال أبو عائشة: وأنا حاضر لسعيد بن العاص. فهو ضعيف.
رواه أبو داود (١١٥٣) عن محمد بن العلاء وابن أبي الزّناد، المعني قريب، قالا: حَدَّثَنَا زيد - يعني ابن حبَّان- عن عبد الرحمن بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، قال: أخبرني أبو عائشة فذكره.
أبو عائشة غير معروف. ولذا قال الحافظ في التقريب: "مقبول" يعني عند المتابعة، ولم يتابع، فهو "لين الحديث" وأخرجه البيهقيّ (٣/ ٢٨٩، ٢٩٠) من طريق أبي داود وقال: "قد خولف راوي هذا الحديث في موضعين، أحدهما: في رفعه، والآخر في جواب أبي موسى، والمشهور في هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم إلى ابن مسعود، فأفتاه ابن مسعود بذلك، ولم يسنده إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،