للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هاجت السماء من تلك الليلة، فلمَّا خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - لصلاة العشاء الآخرة برقت برقةٌ، فرأى قتادة بن النعمان، فقال: "ما السُّرى يا قتادهُ؟ ". قال: علمتُ يا رسولَ الله! أنَّ شاهد الصلاة قليلٌ، فأحببتُ أن أشهدها. قال: "فإذا صلَّيت فاثبت حتَّى أمرَّ بكَ. فلمَّا انصرف أعطاه العرجون، وقال: "خذ هذا فسيُضيءُ لك أمامك عشرًا، وخلفك عشرًا، فإذا دخلتَ البيتَ وتراءيتَ سوادًا في زاوية البيتِ، فاضربه قبل أن يتكلَّم؛ فإنَّه شيطان". قال: ففعل، فنحن نُحبُّ هذه العراجين لذلك. قال: قلتُ يا أبا سعيدٍ! إنَّ أبا هريرةَ حدَّثنا عن الساعة التي في الجمعةِ، فهل عندك منها علمٌ؟ فقال: سألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عنها، فقال: "إنِّي كنتُ قد أُعلِمتُها، ثمَّ أُنسيتُها كما أنسيتُ ليلةَ القدرِ". قالتُ: ثم خرجت من عندِه فدخلتُ على عبد الله بن سلام.

أخرجه أحمد (١١٦٢٤) عن يونس وسُريج، قالا: ثنا فُلَيح، عن سعيد بن الحارث، عن أبي سلمةَ، فذكره.

وأخرجه أيضًا البزَّار (٦٢٠ - كشف الأستار) من وجه آخر عن فُلَيح به. وزاد فيه بعد قوله: "ثمَّ خرجتُ مِن عنده": "حتَّى أتيت دار رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت: هذا رجل قد قرأ التوراة، وصَحِب النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: فدخل عليه فقلت: أخبرني عن هذه الساعة التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول فيها ما يقول في الجمعة؟ قال: نعم! خلق الله آدم يوم الجمعة، وأسكنه الجنة يوم الجمعة، وأهبطه إلى الأرض يوم الجمعة، وتوفاه يوم الجمعة، وهو اليوم الذي تقوم فيه الساعة، وهي آخر ساعة من يوم الجمعة. قال: قلت: ألست تعلم أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: في صلاةٍ؟ قال: ولَستَ تعلم أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من انتظر صلاة فهو في صلاةٍ".

ففي إسناده فليح بن سليمان، أخرج له الجماعة، لكن تُكُلّم فيه من قبل حفظه؛ فضَّعفه ابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة الرازي، ووثَّقه الدارقطني في رواية، وقال في أُخرى: "يختلفون فيه وليس به بأسٌ".

وقال ابن عدي: "ولفُلَيح أحاديث صالحة، ويروي عن سائر الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة، وغرائب، وقد اعتمده البخاري في صحيحه، وروى عنه الكثير، وهو عندي لا بأس به".

قلت: وقد انفرد فُلَيح برواية هذا الحديث بهذا السياق، وقد جمع فيه عدَّةَ أحاديثَ لبعضها طرق صحيحة وحسنة، وانفرد في هذا السياق بعض الألفاظ، منها: فهذه العراجين جعل الله لنا فيها بركة، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحبها ويتخصَّر بها". ومنها: "إنِّي كنتُ أُعِلمتها ثمَّ أُنسيتُها". وقد صحَّح هذه اللفظة ابن خزيمة (١٧٤١) والحاكم (١/ ٢٧٩، ٢٨٠) من طريق يونس بن محمد، عن فليح به.

قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".

قلت: والإسناد كيفما دار فهو يدور على فُلَيح، وقد سبق ذكر أقوال العلماء فيه.

وكذلك ما رُوي عن أبي سلمة قال: سمعت أبا هريرةَ وأبا سعيد يذكران عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>