عن أنس فذكر نحوه.
قال الحافظ عن هذا الإسناد بعد أن ساق للحديث أسانيد الأخرى: "هذا أجود من الأول".
وأورده الذّهبي في "العلو" (١/ ٣٥١ - ٣٦٥) من عدّة طرق لا يسلم منها شيء، ثم قال: "هذه طرق يعضِّد بعضها بعضًا، رزقنا الله وإياكم لذَّة النظر إلى وجهه الكريم".
وأورده الحافظ ابن القيم في "الزاد" (١/ ٣٦٧ - ٣٧١) من أوجهٍ أُخرى كثيرةٍ أيضًا، ولا يصح منها شيءٌ، وذكر له شاهدًا من حديث حذيفة، وفيه عبد الله بن عرادة الشيباني، قال فيه البخاري: "منكر الحديث". وضعَّفه غير واحد من أهل العلم.
وأمَّا ما رواه الإمام أحمد (٨١٠٢): عن هاشم، ثنا الفرج بن فضالة، ثنا علي بن أبي طلحة، عن أبي هريرة قال: قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لأيِّ شيءٍ سمِّي يوم الجمعة؟ قال: "لأنَّ فيها طُبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة، والبعثة، وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا الله عز وجل فيها استُجيب له". فهو ضعيف، لضعف الفرج بن فضالة، وعلي بن ابي طلحة لم يُدرك أبا هريرةَ، فهو مع ضعفه منقطعٌ.
وفي الباب أحاديث أخرى، منها: عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ في الجمعة الساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلَّا أعطاه إياه".
رواه البزَّار (٦٦٦) عن عبد ربِّه بن خالدٍ، ثنا فُضَيل بن سليمان، عن عبد الله بن محمد بن عمر ابن علي، عن أبيه، عن جده عن علي بن أبي طالبٍ، فذكره. وشيخ البار فيه لم يُوثّقه أحدٌ، وذكره ابن حبَّان في "الثقات"، وقد روى عنه جمعٌ منهم البزار وابن ماجة.
وأمّا ما رُوي "أفضل الأيام يوم عرفة وافق يوم الجمعة، وهو أفضل من سبعين حجّة في غير يوم جمعة" فهو لا أصل له، أورده ابن الأثير في "جامع الأصول" (٦٨٦٧). -تحقيق أيمن صالح- وعزاه إلى رزين.
ورزين هو ابن معاوية بن عمار الأندلسيّ السرقسطيّ المتوفى سنة خمس وثلاثين وخمس مائة بمكة، وصفه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (٢٠/ ٢٠٤) بأنه الإمام المحدِّث الشهير صاحب كتاب "تجريد الصحاح" وكان إمام المالكين بالحرم.
وقال ابن الأثير في "مقدمة جامع الأصول" (١/ ٤٨ - ٥٠): جمع بين كتب البخاري، ومسلم، والموطأ لمالك، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود، وسنن أبي عبد الرحمن النسائي رحمة الله عليهم".
وهو الذي بني عليه الحافظ ابن الأثير كتابه "جامع الأصول" ولكن كما يقول الحافظ الذهبي: "أدخل في كتابه زيادات واهية، لو تنزه عنها لأجاد".
وهذا الحديث من هذا القبيل.
وقد حاول أئمة الحديث الوقوف على إسناد هذا الحديث فلم يقفوا عليه.