قال الطبراني: "لم يروه عن عكرمة إلَّا عمر بن الوليد، ولا عنه إلَّا بشر، تفرَّد به العَدَني". وقال ابن حجر: "رجاله ثقات إلَّا عمر، ففيه مقالٌ". وقال البوصيري: "رواه ابن أبي عمر، ورجاله ثقات".
قلت: إسناده حسن، رجاله ثقات معروفون إلَّا عمر بن الوليد؛ فهو صدوق في أقلِّ أحواله. قال النسائي: "ليس بالقوي". وليَّنه القطان فقال: "ليس هو عندي ممن أعتمد عليه، ولكنَّه لا بأس به".
ووثَّقه أحمد وابن معين وأبو زرعة، وقال أبو زرعة: "ما أرى بحديثه بأسًا، وعامة حديثه عن عكرمة فقط، قلَّ ما يجاوز به إلى ابن عباسٍ، لا يُشبه شبيب بن بِشر الذي جعل عامة حديثه موصولًا".
قلت: هذا الكلام يدل على تثبُّته وحفظه لما يرفعه عن عكرمة، عن ابن عباسٍ. وذكره أيضًا ابن حبان، وابن شاهين في "الثقات". فهو حسن الحديث إن شاء الله.
وأمَّا قول الطبراني: "تفرد به العدني". فالعدني هو محمد بن يحيى بن أبي عمرو العدني، صاحب المسند المعروف، وثَّقه ابن معين والدارقطني، واحتجَّ به مسلمٌ في "الصحيح"، وكان الإمام أحمد يحث أهل الحديث على الأخذ عنه، وذكره ابن حبان في الثقات، فمثل هذا لا يضرُّ تفرُّده، ولكن قال أبو حاتم الرازي: "كانت فيه غفلةٌ". والله أعلم.
• عن عائشة قالت: كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم، والعوالي، فيأتون في الغبار، يصيبهم الغبار والعرق، فيخرج منهم العرق، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنسان منهم وهو عندي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو أنَّكم تطهَّرتم ليومكم هذا".
متفق عليه: رواه البخاري في الجمعة (٩٠٢) واللفظ له، ومسلم في الجمعة (٨٤٧)، كلاهما من طريق عبد الله بن أبي جعفر، أنَّ محمد بن جعفر بن الزبير حدَّثه، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكرته.
وفي مسلم: "فيأتون في العباء".
قال الحافظ في "الفتح": وهو أصوب.
وفي رواية أخرى عند مسلمٍ: قالت عائشة: "كان الناس أهل عملٍ، ولم يكن لهم كُفاةٌ، فكانوا يكون لهم تَفَلٌ. فقيل لهم: لو اغتسلتم يوم الجمعة". وفي رواية عند البخاري (٩٠٣): "كان الناس مَهَنة أنفسهم، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم، فقيل لهم: "لو اغتسلتم".
قوله: "كُفاة": جمع كافٍ، كقضاة جمع قاضٍ، وهم الخَدَم الذين يكفونهم العمل.
و"تَفَلٌ": أي رائحة كريهةٌ.
• عن عبد الله بن أبي قتادة قال: دخل عليَّ أبي وأنا أغتسل يوم الجمعة فقال: غسلك هذا من جنابة أو للجمعة؟ قلت: من جنابة، قال: أعِد غسلًا آخر؛ إنِّي سمعت