قال أبو عبد الله (البخاريّ): {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم ٧١].
والرواية الثالثة عند مسلمٍ من وجهٍ آخر عن أبي هريرةَ.
وقوله: "تحلَّة القسمِ" بفتح التاء، وتشديد اللام، أي: ما ينحلُّ به القَسَم، وهو اليمينُ، وهو مصدر حلَّل اليمينَ، أي: كفَّرها. والمراد منها: التقليل من أمر ورودها كما يُقال: ما ضربته إلَّا تحليلًا. إذا لم تُبالغ في الضرب. وقالوا: المراد به قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم ٧١]. قال الخطَّابي: "معناه: لا يدخل النارَ ليُعاقَب بها، ولكنَّه يدخلها مجتازًا، ولا يكون ذلك الجواز إلَّا قدر ما يُحلِّل به الرجل يمينَه. وإليه تشير الرواية الثانية: "إلَّا تحلَّة القسم".
• عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما منكن امرأة تُقدِّم ثلاثةً من ولدِها لم يبلغوا الحِنثَ إلَّا كان لها حجابًا من النار". فقالت امرأةٌ: واثنين؟ فقال: "واثنين".
متفق عليه: رواه البخاري في الإيمان (١٠٢) ومسلمٌ في البر والصلة (٢٦٣٤) عن محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر غندر، قال: حدثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهاني، قال: سمعت أبا حازم، عن أبي هريرة، فذكر جزءًا من الحديث، وهو قوله: "ثلاثة لم يبلغوا الحنثَ". وأحالَا على حديث أبي سعيد، وقد استكملتُ حديثَ أبي هريرة من حديثِ أبي سعيد السابق.
والملاحظ في حديث أبي سعيد وأبي هريرة أنَّ شعبةَ يرويه عن عبد الرحمن بن الأصبهاني بإسنادين، فزاد عبد الرحمن بن الأصبهاني في روايته عن أبي حازمٍ: "لم يبلغوا الحِنْثَ".
والمعنى: أنَّهم ماتوا قبل أن يبلغوا؛ لأنَّ الإثمَ إنَّما يُكتَب بعد البلوغ.
• عن أبي هريرةَ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوةٍ من الأنصارِ: "لا يموتُ لإحداكُنَّ ثلاثةٌ منَ الولدِ فتحتسبه إلَّا دخلت الجنَّة". فقالت امرأةٌ منهنَّ: أو اثنين يا رسولَ الله! قال: "أو اثنين".
صحيحٌ: رواه مسلم في البر والصلة (٢٦٣٢/ ١٥١) عن قتيبة بن سعيدٍ، ثنا عبد العزيز (يعني بن محمد) عن سُهَيل، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكر مثلَه.
• عن أبي حسان، قال: قلت لأبي هريرة: إنَّه قد مات لي ابنان فما أنت مُحدِّثي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحديث تُطيِّب أنفسنا عن موتانا؟ قال: قال: نعم "صغارهم دعاميص الجنة، يتلقَّى أحدهم أباه، أو قال: أبويه، فيأخذ بثوبه، أو قال: بيده كما آخذ أنا بِصَنِفة ثوبك هذا، فلا يتناهي، أو قال: فلا ينتهي حتَّى يُدخِلَه الله وأباه الجنَّة".
وفي رواية سويد قال: حدَّثنا أبو السليل. وحدَّثنيه عبيد الله بن سعيد، حدثنا يحيي (يعني بن سعيد) عن التيمي بهذا الإسناد، وقال: هل سمعتَ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا تُطيِّب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: نعم.