ولم يسم والد عمرو الأنصاري، فقيل: إنَّه عمر كما في رواية الطبراني الأخرى من طريق عبد الواحد بن زياد، عن عثمان بن حكيم، ورجَّح المزِّي في تهذيب الكمال أن يكون اسم أبيه: "عاصم". وهو الذي اختاره الهيثمي فقال في "المجمع" (٣/ ٨٠٦): رواه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفيه عمرو بن عاصم الأنصاري، ولم أجد من وثَّقه ولا من ضعَّفه، وبقية رجاله ثقات". قلت: وهو كما قال؛ فإنَّ عمروا الأنصاري هذا سواء كان اسم أبيه عمر أو عاصم، فهو مجهولٌ.
وعن أبي ثعلبة الأشجعي، قال: مات لي يا رسول الله ولدان في الإسلام. فقال: "من مات له ولدان في الإسلام أدخله الله عز وجل الجنة بفضل رحمته إياهما". قال: فلما كان بعد ذلك قال: لقيني أبو هريرة قال: فقال: أنت الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الولدين ما قال؟ قال: قلت: نعم. قال: فقال: لأن يكون قاله لي أحبُّ إليَّ ممَّا غُلِّقت عليه حمص وفلسطين.
رواه الإمام أحمد (٢٧٢٢٠) والطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٢٢٩, ٣٨٤) كلاهما من حديث حمَّاد بن مسعدة، قال: حدثنا ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عمر بن نبهان، عن أبي ثعلبة الأشجعي، إلَّا أنَّ الطبراني قال في الموضع الأول: "عن أبي ثعلبة الخشني" وقال في الموضع الثاني مثل قول الإمام أحمد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٧) وقال: "رواه أحمد، والطبراني في "الكبير" ورجاله ثقات"، وقال في الموضع الثاني (٣/ ٩) وهو حديث الخشني: "رواه الطبراني في "الكبير" وفرقهما، جعل الأشجعي الذي تقدَّم غير هذا، ورجاله رجال الصحيح".
ورواه أيضًا الطبراني في "الكبير" (٢٢/ ٣٨٤) من وجهٍ آخر، عن مندل بن علي، عن ابن جريج بإسناده، عن أبي ثعلبة الأشجعي، فذكر الحديثَ إلَّا أنَّه اختصره، ولم يذكر قصَّة أبي هريرة.
وعمرو بن نبهان مجهول، وإن كان ذكره ابن حبان في "الثقات" على عادته في ذكر المجاهيل في "الثقات". ومندل -بكسر الميم- بن علي العنزي أبو عبد الله الكوفي، ضعَّفه أكثر أهل العلم، منهم أحمد، وابن معين، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، وغيرهم.
وأمَّا قول الهيثمي في "المجمع": "رجاله رجال الصحيح" فغير صحيحٍ، لأنَّ عمر بن نبهان من رجال أبي داود فقط، وهو مجهولٌ، ومِندل بن علي من رجال أبي داود وابن ماجه، وهو أيضًا ضعيفٌ.
وأمَّا أبو ثعلبة الخشني؛ فهو صحابي مشهورٌ بكنيته، وله أحاديث في الصحيحين وغيرهما.
وأمَّا أبو ثعلبة الأشجعي؛ فقال البخاري: اله صحبة". ولكن قال أبو أحمد الحاكم في ترجمة الراوي عنه: "لا أعرفه، ولا أعرف أبا ثعلبة". وقال الدارقطني: "رواه بعضهم عن ابن جريج فقال: الخشني". فالذي يظهر أنَّه أبو ثعلبة الخشني؛ وإنَّما وهم بعض الرواة فجعلوه الأشجعي.
وعن ابن سيرين قال: جاء الزبير بابنه عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مؤمنين يموت لهما ثلاثة إلَّا أدخلهم الله الجنة, فيقول لهم: ادخلوا الجنَّة، فيقولون: وآباؤنا؟ فيقال لهم: