قال الحافظ ابن حبَّان:"قوله - صلى الله عليه وسلم -: "من أحبَّ أن ينظر إلى رجلٍ من أهل النّار فلينظر إلى هذا". لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن الركون إلى ذلك الشيء، وقلة الصبر على ضدّه، وذلك أنَّ الله -جلَّ وعلا- جعل العللَ في هذه الدُّنيا، والغموم، والأحزان، سبب تكفير الخطايا عن المسلمين، فأراد - صلى الله عليه وسلم - إعلام أُمَّته أنَّ المرْءَ لا يكاد يتعرَّى عن مقارفة ما نهى الله عنه في أيَّامه ولياليه، وإيجاب النّار له بذلك إن لم يتفضَّل عليه بالعفو، فكأنَّ كلَّ إنسانٍ مرتهنٌ بما كسبت يداه، والعلل تُكفِّر بعضها عنه في هذه الدُّنيا، لا أنَّ من عوفي في هذه الدُّنيا يكون من أهل النّارِ".
قلت: هذا الذي ذكره ابن حبَّان مستقيم على العموم، أمَّا في خصوص هذا الرّجل؛ فلعلَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اطَّلع منه على أسبابٍ لإيجاب النّار له. والله أعلم.
وأمّا ما رُوي عن أنس مرفوعًا مثله، وزاد فيه:"أخرجوه عنِّي". فهو ضعيف، رواه الطبرانيّ في "الأوسط"(٥٩٠٥)، وفيه الحسن بن أبي جعفر الجُفريّ، جمهور أهل العلم على تضعيفه، قال الحافظ:"ضعيف الحديث مع عبادته وفضله".
• عن أنس بن مالك، أنَّ امرأةً أتت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! ابنة لي كذا وكذا -ذكرت من حسنها وجمالها- فآثرتك بها. فقال:"قبلتُها". فلم تزل تمدحها حتّى ذكرت أنَّها لم تُصدَّع، ولم تشتكِ شيئًا قطُّ. قال:"لا حاجة لي في ابنتك".
حسن: رواه أحمد (١٢٥٨٠) وأبو يعلى (٤٢٣٤) كلاهما من حديث عبد الله بن بكر، أبي وهب، حَدَّثَنَا سنان بن ربيعة، عن الحضرميّ، عن أنسٍ، فذكره.
وإسناده حسن؛ من أجل سنان بن ربيعة، وهو مختلف فيه، غير أنَّه حسن الحديث، فقد أخرج له البخاريّ مقرونًا، وذكره ابن حبَّان في "الثّقات" وقال ابن عدي: "أرجو أنَّه لا بأس به، وضعَّفه ابن معين، وأبو حاتم.
والخلاصة: أنَّه حسن الحديث.
وأورده الهيثميّ في "المجمع" (٢/ ٢٩٤)، وقال: "رجاله ثقات".
والحضرمي: هو ابن لاحق، قال فيه ابن معين: "ليس به بأس".
وأمّا ما رُوي عن أبي هريرة مرفوعًا: ألا أُنبِّئكم بأهل الجنَّة؟ ". قالوا: بلى يا رسول الله! . قال:"الضعفاء المظلومون. ألا أُنبئكم بأهل النّار؟ ". قالوا: بلى يا رسول الله؟ قال:"كل شديد جعظريِّ، هم الذين لا يألمون رؤوسهم"، فهو ضعيف، رواه الإمام أحمد (١٠٥٩٨) والبزّار (٣٦٣١ - كشف) كلاهما من حديث يزيد بن هارون، أخبرنا البراء بن يزيد، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة، فذكر مثله، واللّفظ لأحمد، وزاد البزّار بعد قوله:"جعظري": "ألا أخبركم بخياركم؟ أحاسنكم أخلاقًا. ألا أُنبِّئكم بشراركم؟ الثرثارون المتشدقون المتفيهقون".