وهذا إسناد صحيح، والحكم هو ابن عتيبة، وصحَّحه أيضًا الحاكم (١/ ٣٤٩ - ٣٥٠) على شرط الشّيخين، وقال: لم يخرجاه لخلاف على الحكم فيه، ثمّ رأى أن هذه العلة غير قادحة، وقال أيضًا (١/ ٣٤١ - ٣٤٢): "صحيح على شرط الشّيخين ولم يخرجاه لأن جماعة من الرواة أوقفوه عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر، عن ابن أبي ليلى، عن عليّ من حديث شعبة، وأنا على أَصْلي في الحكم لراوي الزيادة".
قلت: وهو يشير إلى ما رواه شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن نافع، عن عليّ مرة مرفوعًا، ومرة موقوفًا.
فمن المرفوع ما رواه الإمام أحمد (٩٧٥) عن عبد الله بن يزيد، عن شعبة، عن الحكم، عن عبد الله بن نافع قال: عاد أبو موسى الأشعريُّ الحسنَ بن عليّ، فقال له عليّ: أعائدًا جئت أم زائرًا؟ فقال أبو موسى: بل جئت عائدًا فقال عليّ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه.
وعبد الله بن نافع هو أبو جعفر الهاشمي مولاهم، كان غلامًا للحسن بن عليّ، لم يرو عنه غير الحكم بن عُتيبة، وذكره ابن حبَّان في "الثقات" (٧/ ٢٤) وقال: "صدوق".
ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقيّ (٣/ ٣٨١) وقال: "وكذلك رواه محمد بن عديّ، عن شعبة مرفوعًا. ورواه محمد بن كثير، عن شعبة موقوفًا".
قلت: وعن محمد بن كثير رواه أبو داود (٣٠٩٨) وقال: رواه منصور، عن الحكم كما رواه شعبة (يعني موقوفًا). ثمّ رواه من طريق جرير، عن منصور به.
وقال: أُسند هذا عن عليّ، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من غير وجه صحيح".
قلت: ومن هذه الوجوه غير الصحيحة ما رواه الترمذيّ (٩٦٩) عن أحمد بن مُنيع، حَدَّثَنَا الحسن بن محمد، حَدَّثَنَا إسرائيل، عن ثُوير (وهو ابن أبي فاختة) عن أبيه قال: أخذ عليّ بيدي قال: انطلِق بنا إلى الحسن نعودُه. فوجدنا عنده أبا موسى، فقال عليّ: أعائدًا جئت يا أبا موسي! أم زائرًا؟ فقال: لا بل عائدًا. فقال عليّ: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: فذكر الحديث مثله. وزاد فيه: "وكان له خريف في الجنّة".
قال الترمذيّ: "هذا حديث حسن غريب، وقد رُوي عن عليّ هذا الحديث من غير وجه، منهم من وقَّفه، ولم يرفعه. وأبو فاختة اسمه: سعيد بن عِلاقة" انتهى.
قلت: بل إسناده ضعيف جدًّا من أجل ثوير -مصغرًا- ابن أبي فاختة فقد ضعَّفه جمهور أهل العلم وقال فيه الدَّارقطنيّ وابن الجنيد: "متروك" وقال ابن حبَّان: "كان يقلب الأسانيد حتي يجئ في روايته أشياء كأنّها موضوعة" وقال الحافظ: "ضعيف رمي بالرفض".
وأمّا أبوه أبو فاختة سعيد بن عِلاقة فثقة.
ومن هذه الطرق ما رواه الإمام أحمد (٧٥٤) وأبو يعلى (٢٨٩) وابن حبَّان في صحيحه (٢٩٥٨)