للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن عثّام، يقول: أتيتُ سعير بن الخمس، فسألته عن حديث الوسوسة فلم يحدّثني، فأدبرتُ أبكي، ثم لقيني، فقال لي: تعالَ، حدثنا مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه، قال: سألنا رسول اللَّه عن الرّجل يجدُ الشّيء، لو خرَّ من السَّماء فتخطفه الطّير كان أحبَّ إليه من أن يتكلَّم به؟ قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ذلك محضُ -أو صريح- الإيمان" انتهى.

قال الخطّابي: "قوله: "صريح الإيمان" معناه أنّ صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشّيطان في أنفسكم، والتصديق به، وليس معناه أنّ الوسوسةَ نفسَها صريحُ الإيمان، وذلك أنها إنّما تتولّد من فعل الشّيطان وتسويله، فكيف يكون إيمانًا صريحًا، وروي في حديث آخر أنّهم لما شكوا إليه ذلك قال: "الحمد للَّه الذي ردّ كيده إلى الوسوسة". وهو حديث ابن عباس الآتي.

وقال النّوويّ: "معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإنّ استعظام هذا وشدّة الخوف منه، ومن النَّطق به فضلًا عن اعتقاده إنّما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محقّقًا، وانتفت عنه الرّيبة والشّكوك".

• عن ابن عباس قال: جاء رجلٌ إلى النّبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّه إنّ أحدنا يجدُ في نفسه -يُعرِّض بالشيء- لأن يكون حُمَمَةً أحبُّ إليه من أن يتكلّم به. فقال: "اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! اللَّه أكبر! الحمد للَّه الذي ردّ كيده إلى الوسوسة".

صحيح: رواه أبو داود (٥١١٢) عن عثمان بن أبي شيبة، وابن قدامة بن أعين، قالا: حدثنا جرير، عن منصور، عن ذر، عن عبد اللَّه بن شدّاد، عن ابن عباس، فذكره.

قال أبو داود: وقال ابن قدامة بن أعين: "ردّ أمره" مكان "ردّ كيده".

ورواه الإمام أحمد (٢٠٩٧)، وابن منده في الإيمان (٣٤٥)، وصحّحه ابن حبان (١٤٧) كلّهم من حديث منصور بإسناده مثله.

ورواه ابنُ أبي عاصم في "السنة" (٦٥٨) من وجه آخر بإسناد حسن عن ابن عباس، به، مثله.

وقوله: "الحمد للَّه الذي ردّ كيده. . . " أي كيد الشّيطان إلى الوسوسة التي لا يؤاخذ بها المرء، ولم يُمكنه من غير الوسوسة، وإلّا لسعى فيه كما يسعى في الوسوسة، بل جعل ذلك في يد الإنسان، فلذلك امتنع من التكلم" قاله السِّنديّ.

وروى أبو داود (٥١١٠) بإسناد قوي عن أبي زميل قال: سألت ابن عباس فقلت: ما شيء أجده في صدري؟ قال: ما هو؟ قلت: واللَّه ما أتكلم به، قال: فقال لي: أشيء من شك؟ قال: وضحك قال: ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل اللَّه عزّ وجلّ: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} الآية [سورة يونس: ٩٤]. قال: فقال لي: إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الحديد: ٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>