[الممتحنة: ١٢] ونهانا عن النياحة، فقبضتِ امرأة يدها فقالت: أسعدتْني فُلانة، فأريد أن أَجْزِيَها، فما قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فانطلقتْ ورجعت فبايعتْ.
متفق عليه: رواه البخاري في التفسير (٤٨٩٢) عن أبي معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية قالت فذكرت الحديث واللفظ للبخاري.
وزاد النسائي: لما أردت أن أبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت: يا رسول الله! إن امرأة أسعدتْني في الجاهلية، فأذهبُ فأُسعدُها، ثم أجيئك فأبايعك. قال:"اذهبي فأسعديها" قالت: فذهبتُ فساعدتُها، ثم جئتُ فبايعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ورواه مسلم في الجنائز (٩٣٦/ ٣٣) من وجه آخر عن عاصم، عن حفصة بإسناده وهذا لفظه: عن أم عطية قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}[الممتحنة: ١٢] قالت: كان منه النياحة. قالت: فقلت: يا رسول الله! إلا آل فلانٍ، فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية. فلا بد لي أن أُسْعِدهم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا آل فلان".
وروت أم سلمة الأنصارية قالت: قالت امرأة من النسوة: ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه؟ قال:"تَنُحْنَ" قلت: يا رسول الله: إن بني فلان قد أسعدوني على عمي، ولابد لي من قضائهن فأبى عليَّ. فأتيته مرارًا فأذن لي في قضائهن. فلم أُنْح بعد على آخائهن ولا غيره حتي الساعة، ولم يبق من النسوة امرأة إلا وقد ناحت غيري، رواه الترمذي (٣٣٠٧) عن عبد بن حُميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا يزيد بن عبد الله الشيباني، قال: سمعت شهر بن حوشب. قال: حدثتنا أم سلمة الأنصارية فذكرته.
قال الترمذي:"حسن، وفيه أم عطية رضي الله عنها، قال عبد بن حُميد: أم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد بن السكن".
ورواه ابن ماجه (١٥٧٩) من وجه آخر عن وكيع، عن يزيد بن عبد الله مولى الصهباء بإسناده مختصرًا.
قلت: فرجعت القصة إلى أم عطية. وفي الإسناد شهر بن حوشب مختلف فيه.
قوله:"إلا آل فلان" استشكله كثير من أهل العلم، لأن الناحة محرمة على رأي جمهور أهل العلم، فكيف يؤذن لأم عطية. ذكر القرطبي في "المفهم" عدة تأويلات ورجح أن يكون ذلك من جهة الإنكار، كما قال للمستأذن حين قال: أنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أنا" منكرًا عليه. وقال: ويدل على صحة هذا التأويل ما زاد النسائي في حديث بمعنى حديث أم عطية فقال: "لا إسعاد في الإسلام" أي على نياحة انتهي.
ورجّح الحافظ بعد أن سرد أقاويل كثيرة بأن أقرب الأجوبة أنها كانت مباحة، ثم كرهت كراهة تنزيه، ثم التحريم. "الفتح"(٨/ ٦٣٩). ومعنى الإسعاد قيام المرأة مع الأخرى في النياحة