محمد بن بشر العبدي، عن عبيدالله بن عمر، قال: حدثنا نافع، عن عبد الله أن حفصة بكت على عمر فقال: مهلًا يا بُنَيَّةُ! ألم تعلَمِي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه" ولمسلم طرق أخرى بمعناه وفي لفظ "المُعوَّل عليه يُعذب".
والمعول: من عوَّل عليه وأعول، وهو البكاء بصوتٍ.
وفي رواية: عن أبي موسى قال: لما أصيب عمر أقبل صُهيب من منزله، حتى دخل على عمر، فقام بحياله يبكي، فقال عمر: على ما تبكي؟ أعليَّ تبكي؟ قال: إي, والله! لعليك أبكي يا أمير المؤمنين! قال: والله لقد علمتَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من يُبْكي عليه يُعذب" قال: فذكرت ذلك لموسى بن طلحة فقال: كانت عائشة تقول: إنما كان أولئك اليهود.
قال الترمذي: "حديث عمر حديث حسن صحيح، وقد كره قوم من أهل العلم البكاء على الميت. قالوا: الميت يُعذَّب ببكاء أهله عليه. وذهبوا إلى هذا الحديث. وقال ابن المبارك: أرجو إن كان ينهاهم في حياته أن لا يكون عليه من ذلك شيء".
• عن المغيرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن كذبًا عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نيح عليه يُعذبْ بما نيح عليه".
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٢٩١) عن أبي نعيم، حدثنا سعيد بن عبيد، عن علي ابن ربيعة، عن المغيرة فذكر الحديث.
ورواه مسلم متفرقًا -الجزء الأول من الحديث في المقدمة (٤) والجزء الثاني في الجنائز (٩٣٣) من طرق، عن سعيد بن عبيد الطائي بإسناده وزاد في أول الحديث: أوَّل من نيح عليه بالكوفة قرظَةُ ابن كعب. فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نيح عليه فإنه يُعذَّب بما نيح عليه يوم القيامة".
وفي الترمذي (١٠٠٠) جاء الحديث مفصلًا -من طريق سعيد بن عبيد الطائي، عن علي بن ربيعة الأسدي قال: مات رجل من الأنصار يقال له قَرظة بن كعب، فنيح عليه. فجاء المغيرةُ بن شُعبة فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وقال: ما بال النَوح في الإسلام! أما إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نيحَ عليه عُذَّب بما نيح عليه" وقال: "غريب حسن صحيح".
ومحمل هذا الحديث على ما إذا كان النَوحُ من وصية الميت وسنته، كما كانت الجاهلية تفعل، قال طَرفَةُ:
إذا متُّ فانْعِيني بما أنا أهله ... وشُقِّي عليَّ الجيبَ يابْنَة معبد
ذكره القرطبي في "المفهم" (٢/ ٥٨٢).