ابن عمر خبابًا صاحب المقصورة، وذكر عن أبي هريرة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - مثله، فأنكر ابن عمر حتّى أرسل إلى عائشة فصدقت أبا هريرة. انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر في "أطراف المسند" (٣/ ٣٩٧) بعد أن أورد كلام البخاريّ: "وقد راج هذا السند على الحافظ الضياء، فأخرج هذا الحديث في المختارة" وهو معلول كما تري"، انتهى.
وأمّا كون ابن عمر بدأ يحدث بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لم يسمع منه، فإن كان مرسل الصحابي فهو مقبول، ولكن هذا يحتاج إلى معرفة التاريخ، ليكون إنكاره على أبي هريرة منسوخًا، والذي يغلب على الظن أن سالمًا أبا عبد الله البراد وهو إن كان ثقة قد غلط فيه فجعله مرة من مسند أبي هريرة، فأصاب لكثرة من تابعوه على ذلك، وأخرى من مسند ابن عمر فوهم لأنه لم يتابع على ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب.
ورُوي عن عبد الله بن مغفل مرفوعًا ولفظه: "من تبع جنازة حتّى يُصلى عليها فله قيراط، ومن انتظرها حتّى يفرغ منها فله قيراطان".
رواه النسائيّ (١٩٤١) عن محمد بن عبد الأعلى، قال: حَدَّثَنَا خالد، قال: حَدَّثَنَا أشعث، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل فذكره.
ورواه الإمام أحمد (٢٠٥٧٥) عن رَوح، عن أشعث بإسناده وفيه: من صلى على جنازة فله قيراط، فإن انتظرها حتّى يَفرغ منها فله قيراطان".
ورواه (١٦٧٩٨) من وجه آخر عن مبارك، عن الحسن بإسناده باللفظ الأوّل.
والحسن هو ابن أبي الحسن البصري الإمام المعروف إِلَّا أنه كان كثير التدليس، ولم يُصرح بالتحديث، وإن كان الإمام أحمد يثبت سماعه من عبد الله بن مغفل، ولكن ذكر الذّهبيّ في السير (٤/ ٥٨٨) قاعدة عظيمة فيه وفي مثله فقال: "قال قائل: إنّما أعرض أهل الصَّحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن: عن فلان، وإن كان مما قد ثبت لُقيه فيه لفلان المعين، لأن الحسن معروف بالتدليس، يُدلس عن الضعفاء، فيبقى في النفس من ذلك".
وأمّا مبارك وهو ابن فَضالة - بفتح الفاء فهو مدلِّس أيضًا، وقد ضعَّفه النسائيّ، وقال أبو داود: "كان شديد التدليس" غير أنه قد توبع في الإسناد الأوّل.
وأمّا ما رُوي عن عبد الله بن مسعود: "من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها، فإنه من السنة، ثمّ إن شاء فليتطوع، وإن شاء فليدع فهو منقطع، رواه ابن ماجة (١٤٧٨) عن حُميد بن مسعدة، قال: حَدَّثَنَا حمّاد بن زيد، عن منصور، عن عبيد بن نسطاس، عن أبي عبيدة قال: قال عبد الله فذكره.
وأبو عبيدة هو: ابن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه، ومن هذا الوجه رواه أيضًا البيهقيّ (٤/ ١٩ - ٢٠) ولم يُضعِّفه.