وخرج زياد يمشي بين يدي السرير، فجعل رجال من أهل عبد الرحمن ومواليهم يستقبلون السرير، ويمشون على أعقابهم ويقولون رُويدًا رُويدًا بارك الله فيكم فكانوا يدبون دَبيبًا حتى إذا كنا في بعض طريق المربد لحقنا أبو بكرة على بغلة، فلما رأى الذي يصنعون حمل عليهم ببغلته، وأهوى إليهم بالسوط وقال: خلُّوا فوالذي أكرم وجه أبي القاسم صلى الله عليه وسلم لقد رأيتنا مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وإنا لنكاد نرملُ بها رَمَلًا فانبسط القوم.
حسن: رواه أبو داود (٣١٨٣) من طريق خالد بن الحارث، وعيسى بن يونس، والنسائي (١٩١٢) من طريق خالد وحده، عن عيينة بن عبد الرحمن به فذكره، واللفظ للنسائي، واختصره أبو داود.
ورواه الإمام أحمد (٢٠٤٠٠) عن يحيى بن سعيد، عن عيينة به مثله.
كل هؤلاء قالوا في حديثهم: "عبد الرحمن بن سمرة" ورواه أبو داود (٣١٨٢) من وجه آخر عن شعبة، عن عيينة بن عبد الرحمن فقال في حديثه "عثمان بن أبي العاص" قال البخاري: هذا وهم، والصواب: عبد الرحمن بن سمرة.
قلت: وهو الصواب، وكذلك أخرجه أيضًا ابن حبان في صحيحه (٣٠٤٣)، والحاكم (٣/ ٤٤٦) من وجهين آخرين عن عيينة بن عبد الرحمن.
وعبد الرحمن بن سمرة هو ابن حبيب بن عبد شمس صحابي، افتح سجستان، ثم سكن البصرة، ومات بها سنة خمسين، صلي عليه زياد، ومشى في جنازته، هكذا قاله مصعب بن عبد الله الزبيري، رواه الحاكم (٣/ ٤٤٤) من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي، عنه.
ثم رواه النسائي (١٩١٣)، والحاكم (١/ ٣٥٥) كلاهما من طريق هشيم، عن عيينة بن عبد الرحمن، واقتصرا على قول أبي بكرة: لقد رأيتُنا مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، وإنا لنكاد نرمُل بها رملًا. قال الحاكم: صحيح الإسناد. وصحَّحه ابن حبان (٣٠٤٤) ورواه من هذا الوجه.
وعيينة بن عبد الرحمن هو ابن جَوْشن الغطفاني "صدوق" وأبوه عبد الرحمن بن جوشن "ثقة" كما في التقريب.
والمِربد: بكسر الميم وفتح الباء -موضع بالبصرة.
وأما ما رُوي عن ابن عمر مرفوعًا: "إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب، وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره" فهو ضعيف. رواه الطبراني في "الكبير" (١٢/ ٤٤٤) عن أبي شُعيب الحراني، ثنا يحيى بن عبد الله البابلتي، ثنا أيوب بن نهيك قال: سمعتُ عطاء بن أبي رباح يقول: سمعت ابن عمر فذكر الحديث.
قال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ٤٤): ورواه الطبراني في "الكبير"، وفيه يحيي بن عبد الله البابلتي