وصله، ولم يختلف عليه فيه وهو سفيان بن عيينة حجة ثقة".
ففي قول البيهقي إشارة إلى أن الذي وصله ولم يختلف عليه هو ابن عينة وحده، والباقون قد اختلف عليهم، ثم نصّ أهل العلم أن ابن عيينة أخطأ فيه، ودخل عليه الوهم كما قال النسائي في "الكبري" (١/ ٦٣٢).
لأن معمرًا ويونس ومالكا رووه عن الزهري مرسلًا.
ونقل النسائي عن ابن المبارك أنه قال: "الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثة: مالك ومعمر وابن عيينة. فإذا اجتمع اثنان على قول أخذنا به وتركنا قول الآخر".
قال النسائي: "وذكر ابن المبارك هذا الكلام عن أهل الحديث" انتهي.
وفي الباب عن أنس بن مالك أن النبي -صلي الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يمشون أمام الجنازة.
رواه الترمذي (١٠١٠)، وابن ماجه (١٤٨٣) كلاهما من طريق محمد بن بكر البرساني، قال: أنبأنا يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس بن مالك فذكره.
قال الترمذي: "سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأٌ، أخطأ فيه محمد بن بكر، وإنما يُروى هذا الحديث عن يونس، عن الزهري، أن النبي -صلي الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة، قال الزهري: وأخبرني سالم، أن أباه كان يمشي أمام الجنازة، قال محمد -البخاري-: هذا أصح"، والله تعالى أعلم بالصواب.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن مسعود قال: سألنا نبينا - صلى الله عليه وسلم - عن المشي مع الجنازة، فقال: "ما دون الخَبَب إن يكن خيرًا يُعَجَّلُ إليه، وإن يكن غير ذلك فبعدًا لأهل النار، والجنازة متبوعة ولا تَتْبَعْ، ليس معها من يُقَدّمها".
رواه أبو داود (٣١٨٤)، والترمذي (١٠١١)، وابن ماجه (١٤٨٤) كلهم من طرق عن يحيي بن عبد الله التيمي، عن أبي ماجدة -أو- ماجد، عن ابن مسعود فذكره. واللفظ لأبي داود، ولفظ الترمذي قريب منه، وأما ابن ماجه فاختصر على قوله: "الجنازة متبوعة، وليست بتابعة، ليس معها من تقدمها".
قال أبو داود: "وهو ضعيف هو يحيى بن عبد الله، وهو يحيي الجابر، قال أبو داود: وهذا كوفي، وأبو ماجدة بصري، قال أبو داود: أبو ماجدة هذا لا يعرف" انتهى.
وقال الترمذي: "هذا حديث لا يُعرف من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه، قال: سمعت محمد بن إسماعيل يُضَعِّف حديث أبي ماجد هذا، وقال محمد: قال الحميدي: قال ابن عيينة: قيل ليحيى: من أبو ماجد هذا؟ قال: طائر طار فحدثنا" انتهى.
وقد قال غير واحد من أهل العلم: إن أبا ماجد هذا رجل مجهول.
ومعنى طائر طار -أي رجل مجهول لا نعبأ به.