قال أبو الزبير، عن جابر: كنت في الصف الثاني.
متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٣٢٠)، ومسلم في الجنائز (٩٥١) كلاهما من حديث ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنه سمع جابر بن عبد الله فذكر الحديث، واللفظ للبخاري. ولفظ مسلم مختصر.
وقول أبي الزبير، عن جابر ... وصله مسلم من وجه آخر عن أيوب، عن أبي الزبير.
وأخرجه البخاري (١٣١٧) من وجه آخر عن قتادة، عن عطاء، عن جابر قال: إن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- صلّى على النجاشي، فكنت في الصف الثاني أو الثالث.
وفي الباب حديثان معللان:
أحدهما: ما رواه مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب".
فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف.
أخرجه أبو داود (٣١٦٦)، والترمذي (١٠٢٨)، وابن ماجه (١٤٩٠) كلهم من طرق عن محمد ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد اليزني، عن مالك بن هبيرة فذكر الحديث، ولفظهم قريب إلا أن الترمذي وابن ماجه لم يذكرا تجزئة، مالك بن هبيرة ثلاثة صفوف.
وأخرجه الحاكم (١/ ٣٦٢، ٣٦٣) وقال: "صحيح على شرط مسلم".
وقال الترمذي: حسن، وأقرّه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٣/ ١٤٥).
قلت: محمد بن إسحاق مدلس، وقد عنعن، فلا يرتقي الحديث إلى درجة الحسن حتي بصرح بالسماع، ولو ثبت سماعه في طريق آخر فلا يُقبل تفرده؛ لأنه في الأحكام وليس له أصل ثابت.
والأصل في الصلاة أن يتم الصف الأول فالأول إنْ كان في المسجد، وإذا كانت الصلاة خارج المسجد فلا بأس بتجزئة الصفوف لفعل مالك بن هبيرة، والمراد "بالثلاثة" الوتر في الصفوف.
وثانيهما: ما رواه الطبراني كما في "المجمع" (٣/ ٤٣٢) عن أبي أمامة قال: صلى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- على جنازة، ومعه سبعة نفر فجعل ثلاثة صفًا، واثنين صفًا، واثنين صفًا، فيه ابن لهيعة وفيه كلام معروف.
وقد سُئل سماحة الشّيخ ابن باز رحمه الله عن حكم تكثير الصّفوف ولو لم تتم؟ فأجاب: "الأصل أن يصفُّوا في صلاة الجنازة كما يصفُّون في الصّلاة المكتوبة، فيكمِّلون الصَّف الأوّل فالأوّل، وأمّا عمل مالك بن هبيرة رضي الله عنه ففي سنده ضعف، وهو مخالف للأحاديث الصّحيحة الدّالة على وجوب إكمال الصّف الأول فالأوّل في الصّلاة". "مجموع فتاواه" (١٣/ ١٣٩).
وكلام الشيخ يُحمل إنْ كانت الصلاة في المسجد.