للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: حديث أبي هريرة قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كبَّر على جنازة فرفع يديه في أول تكبيرة، ووضع اليمني على اليسرى".

رواه الترمذي (١٠٧٧) عن القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا إسماعيل بن أبان الوراق، عن يحيى بن يعلى، عن أبي فروة يزيد بن سنان، عن زيد (وهو ابن أبي أُنيسة) عن الزهري، عن سعيد ابن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.

قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

قلت: هذا إسناد ضعيف فإن فيه يزيد بن سنان أبا فروة ضعَّفه الدارقطني وأورده النووي في "الخلاصة" (٣٥١٤) في الفصل الضعيف.

والحديث الثاني: حديث ابن عباس قال: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة، ثم لا يعود".

رواه الدارقطني (٢/ ٧٥) من طريق الفضل بن السكن، حدثني هشام بن يوسف، ثنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس فذكره.

قال الذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٥٢): الفضل بن السكن الكوفي عن هشام بن يوسف، لا يعرف، وضعَّفه الدارقطني".

وهذا الحديث ذكره أيضًا النووي في الفصل الضعيف، ونقل تضعيفه عن الدارقطني.

وقال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٤٧): "ضعيف لا يصح فيه شيء".

والحديثان ذكرهما ابن التركماني في "الجوهر النقي" (٤/ ٤٤) وسكت عليهما.

وقال الترمذي عقب حديث أبي هريرة: "اختلف أهل العلم في هذا، فرأى أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم، أن يرفع الرجل يديه في كل تكبيرة على الجنازة، وهو قول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: لا يرفع يديه إلا في أول مرة، وهو قول الثوري وأهل الكوفة، وذُكر عن ابن المبارك أنه قال: لا يقبض يمينه على شماله، ورأى بعض أهل العلم أن يقبض بيمينه على شماله كما يفعل في الصلاة. قال الترمذي: هذا أحب إليّ". انتهى.

قلت: لعل الجمهور ذهبوا إلى رفع اليدين في كل تكبيرة قياسًا على الصلاة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماها صلاةٌ في أكثر من حديث كما ذكرها البخاري في صحيحه (٣/ ١٨٩).

ولعل من أدلتهم ما رواه البيهقي (٤/ ٤٤) وغيره بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرة الجنازة، وإذا قام بين الركعتين يعني في المكتوبة، ويذكر عن أنس بن مالك أنه كان يرفع يديه كلما كبَّر على الجنازة.

ومن المعروف أن ابن عمر كان شديد التتبع لفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا يبعد أن يكون قد أخذ هذا العمل من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يصل إلينا بسند يعتمد عليه، وأما ما رُوي عنه مرفوعًا فهو ضعيف، رواه

<<  <  ج: ص:  >  >>