للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مرَضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدًا".

قالت: ولولا ذلك لأبرزوا قبره غير أني أخشى أن يتخذ مسجدًا.

متفق عليه: رواه البخاري في الجنائز (١٣٣٠) ومسلم في المساجد (٥٢٩) كلاهما من حديث شيبان، عن هلال -هو الوزّان- عن عروة، عن عائشة فذكرتْه.

وقول عائشة في الحديث السابق: "ودُفن في بيتي".

وقولُها في هذا الحديث: "غير أني أخشى"، وفي رواية: "خُشِي"، وفي رواية: "خَشِي" أن يتخذ مسجدًا، ولذا لم يُبرز قبره" يعني لم يُقبر النبي - صلى الله عليه وسلم - خارجَ البيت حتى لا يكون بارزًا، فهي تبين سبب دفنه - صلى الله عليه وسلم - في بيتها.

وقد اختلف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضع دفنه - صلى الله عليه وسلم -، فمن قائلٍ: يدفن في مكة لأنها مولدُه، ومن قائل: يُدفن في بيت المقدس لأنه مسراه ومبعث الأنبياء ومقابرهم، ومن قائلٍ: يُدفن في بقيع الغرقد لأنه مقابر المسلمين، ومن قائلٍ: يُدفن في بيته.

فجاء أبو بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمير المؤمنين، وحسم الخلاف بقوله، كما رواه ابنُ سعد في طبقاته (٢/ ٢٩٢) بإسناد صحيح من حديث عائشة قالت: "لما مات النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: أين يُدفن؟ فقال أبو بكر: في المكان الذي مات فيه". ورواه الترمذي في "الشمائل" (٣٧٩) والبيهقي في "الدلائل" (٧/ ٢٥٩) من طريق نبيط بن شريط الأشجعي عن سالم بن عبيد -وكانتْ له صحبة-، فذكر حديثًا طويلًا في مرضه - صلى الله عليه وسلم -، ووفاته، واختلاف الصحابة في دفنه، "قالوا: يا صاحبَ رسول الله! أيُدفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: نعم، قالوا: أين؟ قال: في المكان الذي قبض الله فيه روحَه، فإن الله لم يقبض روحَه إلا في مكانٍ طيب، فعلموا أنْ قد صدق".

قال الحافظ ابن حجر في الفتحه (١/ ٥٢٩): "إسناده صحيح، لكنه موقوف. وقد رُويَ عنه مرفوعا وهو مخرج في مواضعه".

• عن عمرو بن ميمون الأوْدي قال: رأيتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: يا عبد الله بن عمر! اذهب إلى أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقل: يقرأ عمر بن الخطاب عليكِ السلام، ثم سلها أن أُدْفن مع صاحبيّ، قالت: كنتُ أريد لنفسي، فلأوثِرنَّه اليومَ على نفسي، فلما أقبلَ قال له: ما لَديك؟ قال: أذِنت لك يا أمير المؤمنين، قال: ما كان شيءٌ أهمَّ إليَّ من ذلك المضجع، فإذا قُبضتُ فاحملوني، ثم سلِّموا، ثم قل: يستأذِنُ عمر بن الخطاب، فإن أذِنَتْ لي فادفنوني، وإلا فرُدُّوني إلى مقابر المسلمين، إني لا أعلم أحدًا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين تُوُفِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>