للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتُبْصِرُ أُحُدًا؟ " قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى الشَّمْسِ مَا بَقِيَ مِنَ النَّهَارِ، وَأَنَا أُرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرْسِلُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، أُنْفِقُهُ كُلَّهُ، إِلَّا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ". وَإِنَّ هَؤُلاءِ لا يَعْقِلُونَ، إِنَّمَا يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لا وَاللَّهِ، لا أَسْأَلُهُمْ دُنْيَا، وَلا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ.

وفي رواية: "بَشِّرِ الْكَانِزِينَ، بِكَيٍّ فِي ظُهُورِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جُنُوبِهِمْ، وَبِكَيٍّ مِنْ قِبَلِ أَقْفَائِهِمْ يَخْرُجُ مِنْ جِبَاهِهِمْ. قَالَ: ثُمَّ تَنَحَّى فَقَعَدَ، قَالَ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا أَبُو ذَرٍّ. قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ: مَا شَيْءٌ سَمِعْتُكَ تَقُولُ قُبَيْلُ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ إِلَّا شَيْئًا قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّهِمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم قَالَ: قُلْتُ: مَا تَقُولُ فِي هَذَا الْعَطَاءِ؟ قَالَ: خُذْهُ فَإِنَّ فِيهِ الْيَوْمَ مَعُونَةً، فَإِذَا كَانَ ثَمَنًا لِدِينِكَ فَدَعْهُ".

متفق عليه: رواه البخاريّ في الزّكاة (١٤٠٧ - ١٤٠٨)، ومسلم في الزّكاة (٩٩٢) كلاهما من طريق الحريريّ، عن أبي العلاء، عن الأحنف فذكره.

والرّواية الثانية رواها مسلم (٩٩٢: ٣٥)، حَدَّثَنَا شيبان بن فروخ، حَدَّثَنَا أبو الأشهب، حَدَّثَنَا خُليد العصريّ، عن الأحنف بن قيس، قال: كنتُ في نفر من قريش.

قوله: "نُغْض كتفيه" النُّغْضُ: بضم النون - العظم الدّقيق الذي على طرف الكتف، أو على أعلى الكتف. قوله: "يتزلزل" أي يتحرّك ويضطرب.

قوله: "برَضْفٍ" بفتح الراء وسكون المعجمة - هي الحجارة المحماة، واحدها رضفة.

تنبيه: قال أبو العباس القرطبي: العطاء الذي سُئل عنه أبو ذرّ هو ما يعطاه الرّجل من بيت المال على وجه يستحقُّه، وهو الذي قال فيه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ما أتاك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك".

وقوله: "إذا كان ثمنا لدينك" أي إذا كنت لا تتوصّل إليه إِلَّا بوجه غير جائز فلا تلتفتْ إليه.

• عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ. فَأَمَّا الَّذِي هي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَطَالَ بِهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ المَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَلَوْ أَنَّها قطَعت طِيَلُهَا ذلك فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ كَانَ ذَلِكَ له حَسَنَاتٍ فَهِيَ له أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا ولَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا وَلا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الإِسْلامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ".

<<  <  ج: ص:  >  >>