إسحاق بين عاصم والحارث، والحارث كذّاب، وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا، وهو أن الحارث أسنده، وعاصم لم يسنده، فجمعهما جرير وأدخل حديث أحدهما في الآخر، وكلّ ثقة رواه موقوفًا، فلو أنَّ جريرًا أسنده عن عاصم، وبين ذلك أخذنا منه. وقال غيره: هذا لا يلزم لأنَّ جريرًا ثقة، وقد أسند عنهما". انتهى من "نصب الراية" (٢/ ٣٢٨ - ٣٢٩).
وقد ثبت كتاب عليّ -رضي الله عنه- في أمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في الصّدقة كما أخرجه البخاريّ (٣١١٢) عن ابن الحنفية، قال: أرسلني أبي وقال: خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان، فإن فيه أمر النَّبِيّ في الصّدقة.
رواه البخاريّ معلقًا: قال الحميديّ، حَدَّثَنَا سفيان، حَدَّثَنَا محمد بن سوقة، قال: سمعت منذرًا الثوريّ، عن ابن الحنفية، فذكره مختصرًا.
ورواه عبد الرزّاق (٦٧٩٥) عن ابن عيينة بالكتاب كاملًا، وقال: "وإنما كان في الكتاب ما في حديث عليّ". انتهى.
فمن الرواة من رواه كاملًا ومنهم من اختصرها، ومنهم من جزّأها في مواضع، فلا يبعد ما رواه أبو داود كاملًا أن يكون صحيحًا.
وفيه إثبات الحول في إيجاب الزّكاة وهو أمر متفق عليه عند المسلمين ولم يخالف فيه أحد يعتد به. وفي معناه أحاديث وفيها مقال.
منها: حديث عائشة قالت: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول".
رواه ابن ماجة (١٧٩٢) عن نصر بن عليّ الجهضميّ قال: حَدَّثَنَا شجاع بن الوليد، قال: حَدَّثَنَا حارثة بن محمد، عن عمرة، عن عائشة، فذكرته.
وفيه حارثة بن محمد وهو ابن أبي الرجال -بكسر الراء ثمّ جيم- الأنصاريّ، أهل العلم مطبقون على تضعيفه.
ومن طريقه رواه البيهقيّ (٤/ ٩٥) وقال: "ورواه الثوري عن حارثة موقوفًا على عائشة، وحارثة لا يحتج بخبره".
ومنها: عن أنس، رواه الدَّارقطنيّ (١٨٩١) من حديث حسان بن سياه، عن ثابت، عن أنس مرفوعًا: "ليس في مال زكاة حتّى يحول عليه الحول".
قال ابن حبَّان في "المجروحين": "حسان بن سياه منكر الحديث جدًّا، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد".
وقال الحافظ في "التلخيص" (٢/ ١٥٦): "حسان بن سياه ضعيف، وقد انفرد به عن ثابت".
وقول الحافظ البيهقيّ (٤/ ٩٥) بعد إيراد حديث عليّ بن أبي طالب، وحديث عائشة، وإعلاله حديث عائشة بأنه جاء مرفوعًا وموقوفًا - وفيه حارثة لا يحتج بخبره، والاعتماد في ذلك على