وصحّحه ابن خزيمة (٢٢٦)، وابن حبان (٤٨٨٦)، والحاكم (١/ ٣٩٨) وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
وزاد بعضهم: "ومن كل حالم -يعني محتلمًا- دينارًا أو عدله من المعافر -ثياب تكون باليمن".
وقع خلاف بين أهل العلم في إدراك مسروق لمعاذ، فالذي عليه المحقّقون أنّه أدركه.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (٢/ ٢٧٥): "قد رُوي هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت، ذكره عبد الرزاق، حدثنا معمر والثوري عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ".
قلت: مسروق هو ابن الأجدع الهمدانيّ، وهو ممن يروي عن أبي بكر رضي الله عنه الذي توفي سنة ثلاث عشرة، ومعاذ بن جبل توفي سنة ثمان عشرة، وقد أطال الحافظ في "التلخيص" فراجعه.
ويؤيده ما رواه مالك موقوفًا على معاذ في الزكاة (٢٤) عن حميد بن قيس المكيّ، عن طاوس اليمانيِّ، أنّ معاذ بن جبل الأنصاريّ أخذ من ثلاثين بَقَرَةً تَبِيعًا ومن أربَعين بقرة مُسِنَّةً وأتي بما دون ذلك فأَبَى أن يأخذ منه شَيْئًا وَقَال: "لم أَسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا حتَّى أَلْقَاهُ فأسأَله". فتوفِّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ بن جبل.
قال ابن عبد البر: "ظاهر هذا الحديث الوقوف على معاذ بن جبل من قوله، إلّا أنّ في قوله: أنه لم يسمع من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما دون الثلاثين والأربعين من البقر شيئًا دليلًا واضحًا على أنه قد سمع منه عليه السّلام في الثلاثين وفي الأربعين ما عمل به في ذلك، مع أن مثله لا يكون رأيًا إنّما هو توقيف ممن أمر بأخذ الزكاة من الذين يطّهرهم ويزكّيهم بها - صلى الله عليه وسلم -.
ولا خلاف بين العلماء أنّ السنة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا وأنه النّصاب المجتمع عليه فيها. وحديث طاوس هذا عندهم عن معاذ غير متصل والحديث عن معاذٍ ثابتٌ متصّل من رواية معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ بمعنى حديث مالك". "الاستذكار" (٩/ ١٥٧).
قلت: وقد رُوي أيضًا مثله عن ابن مسعود مرفوعًا: "في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة، وفي كلّ أربعين مسنّة". ولكن فيه انقطاع وضعف.
رواه الترمذيّ (٦٢٢)، وابن ماجه (١٨٠٤) كلاهما من حديث عبد السلام بن حرب، عن خُصيف، عن أبي عبيدة، عن عبد الله، فذكره.
قال الترمذي: هكذا رواه عبد السلام بن حرب، عن خصيف، وعبد السلام ثقة حافظ، وروى شريك هذا الحديث عن خُصيف، عن أبي عبيدة، عن أبيه، عن عبد الله، وأبو عبيدة بن عبد الله لم يسمع من عبد الله "يعني أبيه".
قلت: وفيه خصيف وهو ابن عبد الرحمن الجزري ضعّفه الإمام أحمد، وقال أبو حاتم: صالح يخلط، وتكلّم في سوء حفظه، وقال ابن حبان: كان شيخًا صالحًا، فقيهًا عابدًا إلّا أنه كان يخطئ