للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك لا يصح ما رُوي عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم -: "عفوتُ لكم عن صدقة الجبهة، والكسعة، والنّخة".

قال بقية: الجبهة: الخيل، والكسعة: البغال والحمير، والنّخة: المربيات في البيوت.

رواه البيهقيّ (٤/ ١١٨) من طريق بقية، قال: حدّثني أبو معاذ الأنصاريّ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره.

قال البيهقيّ: "كذا رواه بقية بن الوليد عن أبي معاذ، وهو سليمان بن أرقم متروك الحديث لا يحتج به، وقد اختلف عليه في إسناده، فقيل: هكذا، وقيل عنه عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة".

وقال: "ورواه كثير بن زياد أبو سهل عن الحسن، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه أبو داود في المراسيل".

ثم قال البيهقيّ: أسانيد هذا الحديث ضعيفة، وفي الأحاديث الصحيحة قبله كفاية، وبالله التوفيق". انتهى.

فقه الحديث: قال أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن الفقهاء مالك والشافعي وأحمد: لا زكاة في الخيل ولا في العبد إلا أن تكون للتجارة، فتجب في قيمتها زكاة التجارة، إلا أن يتطوّع صاحبها فيجوز للإمام قبول زكاته كما قبل عمر بن الخطاب من أهل الشّام.

عن حارثة بن مُضرِّب قال: جاء ناسٌ من أهل الشّام إلى عمر، فقالوا: إنّا قد أصبنا أموالًا: خيلًا ورقيقًا، نحبُّ أن يكون لنا فيها زكاة طهورًا، فقال: ما فعله صاحباي قبلي فأفعله؟ ! . فاستشار أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وفيهم عليّ. فقال عليٌّ: هو حسن إن لم تكن جزية راتبة يؤخذون بها من بعدك.

إسناده صحيح رواه أحمد (٨٢) وابن خزيمة (٢٢٩٠) والحاكم (١/ ٤٠٠) كلهم من حديث عبد الرحمن (هو ابن مهدي)، حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرّب، فذكره. واللفظ لأحمد.

ورواه عبد الرزاق في مصنفه (٦٨٨٧) عن معمر، عن أبي إسحاق، قال: أتى أهل الشام عمر فقالوا: فذكره مفصّلًا أطول من هذا إلَّا أنه لم يذكر بين أبي إسحاق وبين عمر "حارثة بن مضرب".

وفي الموطأ في كتاب الزكاة (٣٨) عن مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار: أنّ أهل الشّام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح: خذْ خيلنا ورقيقنا صدقة، فأبي. ثم كتب إلى عمر بن الخطاب، فأبي عمر، ثم كلّموه أيضًا، فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر: إن أحبُّوا فخذها منهم، واردُدها عليهم، وارزق رقيقهم. قال مالك: ومعنى قوله رحمه الله: "وارددها عليهم" يقول: على فقرائهم.

قال ابن خزيمة: "إن كان صاحب المال أعطى صدقة من ماله، وإن كانت الصدقة غير واجبة في ماله، فجائز للإمام أخذها إذا طابت نفس المعطي. وكذلك الفاروق لما أُعلم القوم أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - والصديق قبله لم يأخذا صدقة الخيل والرّقيق فطابت أنفسهم بإعطاء الصدقة من الخيل والرقيق متطوعين جاز للفاروق أخذ الصدقة منهم كما أباح المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أخذ الصدقة مما دون خمس من

<<  <  ج: ص:  >  >>