هذا الحديث أخرجه ابن حزم في "المحلي" (٦/ ٨٤) وعلّله بالحارث وبغيره، ثم استدرك قائلًا: "ثم استدركنا فرأينا أن حديث جرير بن حازم مسند صحيح، لا يجوز خلافه، وأن الاعتلال فيه بأن عاصم بن ضمرة أو أبا إسحاق، أو جريرًا خلّط في إسناد الحارث بإرسال عاصم -هو الظّن الباطل الذي لا يجوز، وما علينا من مشاركة الحارث لعاصم، ولا لإرسال من أرسله، ولا لشكّ زهير فيه شيء، وجرير ثقة، فالأخذ بما أسنده لازم، وبالله التوفيق". "المحلي" (٦/ ٩١).
وفي الباب أحاديث:
منها: ما رواه ابن ماجه (١٧٩١) عن بكر بن خلف ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسي، قال: أنبأنا إبراهيم بن إسماعيل، عن عبد الله بن واقد، عن ابن عمر، وعائشة: "أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يأخذ من كلّ عشرين دينارًا فصاعدًا نصف دينار، ومن أربعين دينارًا دينارًا".
وفيه إبراهيم بن إسماعيل وهو ابن مجمع الأنصاريّ أبو إسحاق المدني، أهل العلم مطبقون على تضعيفه. ومن طريقه رواه أيضًا الدارقطني (١٨٩٦).
ومنها: ما رواه الدارقطني (١٩٠٢) بإسناده عن ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال (فذكر الحديث).
وجاء فيه: "ولا في أقلّ من عشرين مثقالًا من الذّهب شيء، ولا في أقلّ من مائتي درهم شيء".
وعبد الكريم هو ابن أبي المخارق أبو أمية المعلم البصريّ، أهل العلم مطبقون على تضعيفه.
والرّاوي عنه ابن أبي ليلى وهو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى "صدوق، سيء الحفظ جدًّا" كما في "التقريب". وفي الباب أحاديث أخرى وفي كلّها مقال، إلّا أن بعضه يشدّ بعضًا ويقويه، وبه أخذ الجمهور.
قال مالك في "الموطأ": "السنة التي لا خلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارًا عينًا، كما تجب في مائتي درهم".
وقال الشافعيّ في "الرسالة" (ص ١٩٢): "وفرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الورق صدقة، وأخذ المسلمون في الذهب بعد صدقة، إما بخبر عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يبلغنا، وإما قياسًا على أن الذهب والورق نقدُ الناس الذي اكتنزوه وأجازوه أثمانًا على ما تبايعوا به في البلدان قبل الإسلام وبعده".
وقال الحنفية كما في "أصول السرخسيّ" (ص ١١٠): "لا خلاف بين أصحابنا المتقدمين والمتأخرين أن قول الواحد من الصحابة حجة فيما لا مدخل للقياس في معرفة الحكم فيه، وذلك نحو المقادير التي لا تعرف بالرأي". وذكر منها زكاة الذّهب.
وخالفهم في ذلك طاوس، والزهريّ، وعطاء، وسليمان بن حرب فقالوا: نصاب الذّهب تقويمه بالفضّة. وقال الحسن البصريّ: نصابه أربعون دينارًا.
والصّواب ما ذهب إليه الجمهور، واتفقوا بعد هذا الخلاف على أنّ نصاب الذهب عشرون