للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلي بناتها الذهب، ولا تزكّيه نحوا من خمسين ألفا. أخرجها البيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ١٣٨).

قال القاضي أبو الوليد الباجي في شرح الموطأ: "وهذا مذهب ظاهر بين الصّحابة، وأعلم الناس به عائشة رضي الله عنها، فإنّها زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومنْ لا يخفى عليها أمره في ذلك. وكذلك عبد الله بن عمر، فإنّ أخته حفصة كانت زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأمر حليها لا يخفى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يخفى عليها حكمه فيه". "المنتقي" (٢/ ١٠٧).

وفي معناه ما رُوي عن جابر بن عبد الله مرفوعًا: "ليس في الحلي زكاة" وإسناده ضعيف.

قال البيهقيّ في "المعرفة" (٦/ ١٤٤): "وما رُوي عن عافية بن أيوب، عن اللّيث، عن أبي الزّبير، عن جابر مرفوعًا: "ليس في الحلي زكاة" فباطل لا أصل له، إنّما يُروى عن جابر من قوله. وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتجّ به مرفوعًا كان مغرّرًا بدينه داخلًا فيما نُعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذّابين".

قلت: وليس الأمر كما قال البيهقيّ؛ فإنّ عافية بن أيوب ليس بمجهول، وقد سُئل أبو زرعة عن عافية ابن أيوب فقال: "أبو عبيدة عافية بن أيوب هو مصريّ ليس به بأس". "الجرح والتعديل" (٧/ ٤٤).

ولكن الحديث ضعيف ليس من أجله، بل من أجل الرّاوي عنه وهو إبراهيم بن أيوب الجوزجانيّ، قال الحافظ في "اللسان": "ذكره أبو العرب في "الضعفاء" ونقل عن أبي الطّاهر أحمد بن محمد بن عثمان المقدسيّ: أنه قال: إبراهيم بن أيوب حورانيّ ضعيف، وكان أبو الطاهر من أهل النّقد والمعرفة بالحديث بمصر".

وللحديث علّة أخرى وهي الوقف وقد أشار إليه ابن عبد الهادي في "التنقيح" (٣/ ٦٧) وصوّبه.

وبناءً على هذه الأحاديث والآثار ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه لا زكاة في الحلي، وشبّهوها بمتاع البيت؛ لأن الزكاة تجب في الأموال النامية مثل الزراعة والتجارة والمواشي، وأما الحلي فهي مثل الملابس والأحذية والأواني وبقية متاع البيت.

وللشافعي قولان: قال بغداد: -في رواية الحسن بن محمد الزعفراني عنه- "لا زكاة في الحلي إذا استمتع به أهله في عمل مباح".

والقول الثاني: قال: "هذا ما أستخير الله تعالى فيه"، وترك الجواب فيه.

ولم يختلف قول مالك وأصحابه في أنه لا زكاة في الحلي للنساء يلبسنه.

وبه قال من التابعين ومن بعدهم سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وعامر الشعبي، ويحيى بن سعيد، وربيعة، وأكثر أهل المدينة.

قال أبو عبيد: "الحلي الذي يكون ربقة ومتاعا فهو كالأثاث، وليس كالرقة التي ورد في السنة يؤخذ ربع العشر فيها". انظر للمزيد: "الاستذكار" (٩/ ٦٩ - ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>