ومن هذا الوجه أخرجه أيضًا ابن خزيمة (٢٣٢٥). وأسامة بن زيد تُكلُّم فيه غير أنه توبع. ومداره على عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، وهو حسن الحديث.
ورواه ابن ماجه (١٨٢٤) من وجه آخر عن نعيم بن حماد، قال: حدّثنا ابن المبارك، قال: حدثنا أسامة بن زيد، بإسناده، مختصرًا. ونعيم بن حماد ضعيف إلّا أنه توبع في الإسناد السّابق.
ولكن رواه ابن أبي شيبة (٣/ ١٤١) عن عباد بن عوام، عن يحيى بن سعيد، عن عمرو بن شعيب: "أنّ أمير الطّائف كتب إلى عمر بن الخطّاب: إنّ أهل العسل منعونا ما كانوا يعطون مَنْ كان قبلنا". فذكر الحديث بمعناه.
وقد سُئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال: "هو حديثٌ رواه عبد الرحمن بن الحارث وعبد الله ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده، مسندًا عن عمر، ورواه يحيي بن سعيد الأنصاري عن عمرو بن شعيب مرسلًا عن عمر"، انتهى. "العلل" (٢/ ١١٠).
والدارقطني إمام في الجرح والتعديل ومعرفة الرجال، ولكن وقع منه تقصير، فإنه لم يذكر من رفعه عن عمرو بن شعيب إلا عبد الرحمن بن الحارث وهو ابن أبي ربيعة المخزومي وهو "صدوق له أوهام"، كما في التقريب، وابن لهيعة، وفيه كلام معروف، وقد تابعهما عمرو بن الحارث المصري -كما مضى- وهو ثقة حافظ فقيه كما في التقريب، ورابعهم أسامة بن زيد كما مضى، فكل هؤلاء رفعوا هذا الحديث ولذا استدرك الحافظ ابن حجر على الدارقطني في "التلخيص" (٢/ ١٦٨)، وانفرد بإرساله يحيى بن سعيد الأنصاري.
والقواعد الحديثية تقتضي أن نرجح الرفع لما فيه زيادة علم، ولذلك لم يرجح الدارقطني الإرسال كعادته.
ونقل ابن التركماني في "الجوهر النقي" (٤/ ١٢٧) عن ابن عبد البر أنه حسّن حديث عمرو بن شعيب في "الاستذكار"، ونقل عن مالك، عن الزهريّ: "أنّ صدقة العسل العشر"، وممن أوجب الزكاة في العسل: الأوزاعي، وأبو حنيفة، وأصحابه، وربيعة، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد.
وروى ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب قال: بلغني "أنّ في العسل العشر". قال ابن وهب: وأخبرني عمرو بن الحارث، عن يحيى بن سعيد وربيعة بذلك.
وسمع يحيى من أدرك يقول: "مضت السنة بأنّ في العسل العشر". وهو قول ابن وهب. انتهى كلام ابن التركماني. وانظر أيضًا: "الاستذكار" (٩/ ٢٨٣).
وذكر الحافظ ابن القيم في "الزاد" (٢/ ١٥) الأحاديث والآثار الواردة في زكاة العسل وعلّلها ثم قال: "وذهب أحمد وأبو حنيفة وجماعة إلى أن في العسل زكاة، ورأوا أنّ هذه الآثار يقوي بعضُها بعضًا، وقد تعدّدت مخارجها، واختلفت طرقها، ومرسلها يعضد بمسندها".