وفي الباب أيضًا عن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ، أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه ساعيًا فقال أبوه: لا تخرج حتى تحدث برسول الله صلى الله عليه وسلم عهدًا، فلما أراد الخروج أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا قيس! لا تأتي يوم القيامة على رقبتك بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة لها بعار، ولا تكن كأبي رغال". فقال: سعد وما أبو رغال؟ قال:"مصدّق بعثه صالح فوجد رجلًا بالطّائف في غنيمة قرية من المائة شصاص إلّا شاة واحدة، وابن صغير لا م له، فلبن تلك الشاة عيشه، فقال صاحب الغنم: من أنت؟ فقال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحب وقال: هذه غنمي فخذ بما أحببت فنظر إلى الشّاة اللبّون، فقال: هذه. فقال الرّجل: هذا الغلام كما ترى ليس له طعام، ولا شراب غيرها، فقال: إن كنت تحب اللّبن فأنا أحبه، فقال: خذ شاتين مكانها فأبي، فلم يزل يزيده، ويبذل حتى بذل له خمس شياه شصاص مكانها فأبى عليه، فلما رأى ذلك عمد إلى قوسه، فرماه فقتله. فقال: ما ينبغي لأحد أنّ يأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الخبر أحدٌ قبلي فأتي صاحبُ الغنم صالحًا النّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال صالِحٌ: اللهم العن أبا رغال، اللهم العن أبا رغال". فقال سعد بن عبادة: يا رسول الله! اعفُ قيسًا من السِّقاية.
رواه ابن خزيمة (٢٢٧٢)، والحاكم (١/ ٣٩٨ - ٣٩٩)، وعنه البيهقيّ (٤/ ١٥٧) كلّهم من طريق يحيى بن بكير، ثنا اللّيث، حدّثني هشام بن سعد، عن عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس، عن عاصم بن عمرو بن قتادة الأنصاريّ، فذكره.
قال الحاكم:"صحيح على شرط مسلم".
وتعقّبه الذهبيّ فقال: بل منقطع، عاصم لم يدرك قيسًا.
وأمّا أبو رغال، فقيل: رجل من الجاهلية من قوم ثمود، جاء إلى الطّائف خوفًا من العذاب. وقيل: هو الذي بعثه أهل الطائف مع أبرهة يدلّه على الطّريق إلى مكة، فخرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى أنزله المُغَمِّس (وهو موضع بين الطائف ومكة) فلما أنزله مات أبو رغال هناك، فرجمت العربُ قبره.
قال جرير:
إذا مات الفرزدق فارجموه ... كرجم الناس قبر أبي رغال
وأمّا ما رُوي عن عبد الله بن أُنيس أنه تذاكر وعمر بن الخطاب يومًا الصدقة، فقال عمر: ألم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يذكر غلول الصّدقة:"أنّه من غلَّ منها بعيرًا أو شاة أُتي به يوم القيامة يحمله؟ ". قال: فقال عبد الله بن أُنيس: بلي. ففيه رجل مجهول.
رواه ابن ماجه (١٨١٠) عن عمرو بن سوّاد المصريّ، قال: حدّثنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، أنّ موسي بن جبير حدّثه أنّ عبد الله بن أُنيس حدّثه، فذكره.