وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق فإنه إذا صرَّح يحسّن حديثه، وسالم أبو النضر هذا المدني ثقة من رجال الجماعة.
ورواه أبو يعلى (٦٤٣) من وجه آخر عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالم المكي، أنّ أعرابيًّا قال: فذكر بعض الأحاديث.
وهو خطأ من حماد بن سلمة، فإن سالمًا هذا ليس بمكي كما زعم وإنما هو مدنيّ كما سبق، وفيه صحابي لم يسم، وجهالة الصحابي لا تضر كما هو معروف.
ولبعض فقرات الحديث شواهد في السنن ستأتي في مواضعها.
وأورده الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ٨٣) وعزاه إلى أحمد وأبي يعلى وقال: "ورجاله رجال الصّحيح".
• عن جرير بن عبد الله، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "المعتدي في الصّدقة كمانعها".
صحيح: رواه الطبراني في الكبير (٢٢٧٥) عن الحسن بن علي المعمريّ، ثنا محمد بن همّام بن أبي خيرة السدوسيّ، ثنا عمر بن علي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن جرير، فذكره.
قال الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ٨٣): "رجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال، إسماعيل بن أبي خالد هو الأحمسيّ، وقيس هو ابن أبي حازم.
وأما ما روي عن أنس بن مالك، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المعتدي في الصّدقة كمانعه" فإسناده ضعيف.
رواه أبو داود (١٥٨٥)، والترمذيّ (١٤١)، وابن ماجه (١٨٠٨) كلّهم من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سعد بن سنان، عن أنس بن مالك، فذكره.
وصحّحه ابن خزيمة (٢٣٣٥)، ورواه من هذا الوجه وزاد في أول الحديث: "لا إيمان لمن لا أمانة له ... ".
قلت: في الإسناد سعد بن سنان ويقال: سنان بن سعد، ويقال: سعيد بن سنان، فيري البخاريّ وابن يونس أن الصّحيح: سنان بن سعد الكنديّ، المصريّ، وهو الذي صوبه أيضًا ابن حبان في "الثقات" (٤/ ٣٣٦) فقال: يروي عن أنس بن مالك، حدّث عنه المصريّون، وهم مختلفون فيه يقولون: سعد بن سنان وسعيد بن سنان وسنان بن سعيد، وأرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد، وقد اعتبرتُ حديثه فرأيت ما روي عن سنان بن سعد يُشبه أحاديث الثقات، وما رُوي عن سعد بن سنان وسعيد بن سنان فيه المناكير كأنّهما اثنان".
هذا النّقل عن ابن حبان يدلّ على أنّهما اثنان والصّحيح الذي عليه جمهور أهل العلم أنه شخص واحد، لم يرو عنه غير يزيد بن أبي حبيب، فإذا روى الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب قال: عن سعد بن سنان، وإذا روى عمرو بن الحارث وعبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب