الصغير (١/ ٤٨ - ٤٩) كلّهم من طريق الهيثم بن حُميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسي، عن كثير بن مرة، عن يزيد بن الأخنس، فذكره.
وزاد أحمد: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيتك النجدة تكون في الرجل؟ ... (سقط باقي الحديث).
وأشار الهيثمي أيضًا إلى هذا السّقط، وقد وجدنا تكملة الحديث عند الفريابيّ في "فضائل القرآن" (١٠٧) وهو جواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ليست هما بعدل، إنّ الكلب ليهرُّ من وراء أهله".
وأعتقد أنّ السّقط في المسند سببه أن عبد الله بن أحمد وجده في كتاب أبيه بخطّه. قال عبد الله: "وجدتُ في كتاب أبي بخطّ يده قال: كتب إليَّ أبو توبة الربيع بن نافع -وكان في كتابه-: حدّثنا الهيثم بن حُميد، فذكره.
قال الطبراني في "الصغير": "لا يُروى عن يزيد بن الأخنس، وهو أبو معن ابن يزيد، وهو وابنه قد صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلّا بهذا الإسناد، تفرّد به الهيثم".
وقال في الأوسط: "لم يسند يزيد بن الأخنس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديثًا غير هذا، تفرّد به ابن زيد بن واقد".
وأورده الهيثمي في موضعين من "المجمع" في كتاب الصلاة (٢/ ٢٥٦) وعزاه إلى "الكبير" وحده وقال: "رجاله ثقات".
وذكره في كتاب الزكاة (٣/ ١٠٨) وقال بعد أن أشار إلى التقط الذي وقع في مسند أحمد: "رواه أحمد كتابة، والطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وفيه سليمان بن موسي، وفيه كلام، وقد وثّقه جماعة".
ولم يُشر إلى الصغير، كما أنه لم يُشر إلى العلّة التي في الإسناد وهما الانقطاع فإن موسي بن سليمان لم يدرك كثير بن مرة كما قال أبو مسهر، نقله المزي في تهذيب الكمال.
وسليمان بن موسى وهو القرشي الأموي الأشدق هو فقيه أهل الشام، تكلّم فيه البخاريّ والنسائيّ، ووثقه ابن معين. وقال أبو حاتم: "محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب". غير أنه حسن الحديث.
وقوله: وإنّ الكلب ليهِرُّ من وراء أهله"
يقال: هرَّ الكلبُ يَهرُّ، من باب ضرب، هريرًا: إذا صوت، وهو دون النّباح. والمعنى "أنّ الشّجاعة غريزة في الإنسان، فهو يلقي الحروب، ويقاتل طبعًا وحمية لا حسبة، فضرب بالكلب مثلًا إذا كان من طبعه أن يهرَّ دون أهله ويذب عنهم، بريد أن الجهاد والشجاعة ليسا بمثل القراءة والصدقة". كذا في النهاية لابن الأثير.
وفي الباب أيضًا عن سمرة بن جندب، أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ليس في الدنيا حسد إلّا في اثنتين: الرجل يحسد الرجل أن يعطيه الله المال الكثير، فينفق منه، فيكثر النفقة ويقول الآخر: لو كان لي