تنبيه: وقع تحريف في إسناد الحاكم فصحَّحه.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشّيخين".
وهذا وهم منه فإنَّ وهب بن جابر الخيوانيّ -بفتح الخاء- وسكون الياء ليس من رجال أحدهما، ثمّ هو مختلف فيه، فوثقه ابن معين والعجليّ وابن حبَّان، وروى عنه كما سيأتي.
وقال ابن المديني والنسائي: "مجهول". وقال الذّهبيّ: "لا يكاد يعرف، تفرّد عنه أبو إسحاق". وفي التقريب: "مقبول، إِلَّا أنه لم يتابع فهو لين الحديث عند الحافظ.
ثمّ سياق القصة يختلف، فالذي في صحيح مسلم أنه سأله عن قوت رقيقه، وهنا سأله عن قوت أهله، وفي مسند الإمام أحمد (٦٨٤٢) سأله عن قوت أهله هو، ولفظه: إنَّ مولى لعبد الله بن عمرو قال له: إنِّي أريد أن أقيم هذا الشّهر هاهنا ببيت المقدس؟ فقال له: تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال: لا، قال: فارجع إلى أهلك فاترك لهم ما يقوتهم، فإنِّي سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "كفى بالمرأة إثما أن يُضيّع من يقوت".
رواه عن محمد بن جعفر، حَدَّثَنَا شعبة، عن أبي إسحاق، سمعت وهب بن جابر يقول (فذكره).
ثمّ رواه أبو داود (١٦٩٢)، وأحمد (٦٤٩٥)، والبيهقيّ (٩/ ٢٠)، وصحّحه ابن حبَّان (٤٢٤٠)، والحاكم (١/ ٤١٥) كلّهم من حديث الثوريّ، ثنا أبو إسحاق، عن وهب بن جابر الخيوانيّ، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كفى بالمرأ إثما أن يُضيّع من يقوت". قال الحاكم: "وهب من كبار تابعي الكوفة".
وهذه الأسانيد كلّها تدور على أبي إسحاق عن وهب بن جابر، وأبو إسحاق هو السَّبيعيّ وهو مختلط ومدلِّس، إِلَّا أن سفيان الثوريّ روى عنه قبل الاختلاط، كما أنه صرَّح بالتحديث في إحدى الروايات.
وأمّا وهب بن جابر، فهو "مقبول" حيث يتابع، ولم أجد من تابعه على هذا السِّياق، فإذا ثبت فالظاهر من اختلاف لفظ الحديث أنه روي بالمعنى، فإنَّ لفظ "أن يحبس عمن يملك قوته" يختلف عن لفظ "أن يضيع من يعول أو يقوت".
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن ابن عمر، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كفى بالمرأ إثمًا أن يضيّع من يقوت".
رواه الطبرانيّ في الكبير (١٢/ ٣٨٢) من طريق إسماعيل بن عَيَّاش، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
وإسماعيل بن عَيَّاش يخطئ في روايته عن غير الشّاميين، وهذا عن المدنيين، فلعلّه وهم فجعله من مسند عبد الله بن عمر.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن الحسن البصريّ مرفوعًا: "إنَّ الله سائل كلّ راع عمّا استرعاه: