• عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ فِي وَجْهِهِ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْغِنَى؟ قَال: "خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِن الذَّهَبِ".
قَالَ يَحْيَى بن آدم: فَقَالَ عبد الله بْنُ عُثْمَانَ لِسُفْيَانَ: حِفْظِي أَنَّ شُعْبَةَ لا يَرْوْي عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بْنِ يَزِيدَ.
صحيح: رواه أبو داود (١٦٢٦) -واللّفظ له-، والترمذيّ (٦٥٠)، والنسائي (٢٥٩٣)، وابن ماجه (١٨٤٠) كلّهم من طريق يحيى بن آدم، حدّثنا سفيان، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله، فذكره إلّا أنّ الترمذي فقد رواه من وجه آخر عن شريك، عن حكيم بن جبير بإسناده، وقال: "حديث حسن، وقد تكلّم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث".
ثم رواه أيضًا (٦٥١) من طريق يحيي بن آدم، بإسناده، مثله.
ومن هذا الوجه رواه الحاكم (١/ ٤٠٧) إلا أنه سكت عليه.
ورواه أحمد (٣٦٧٥) عن وكيع، عن سفيان، عن حكيم بن جبير، بإسناده.
وإسناده صحيح من طريق زبيد وهو ابن الحارث الياميّ وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين.
وأما حكيم بن جبير فهو ضعيف جدًّا، ضعّفه ابن معين وأحمد، وغيرهما، وقال الدارقطني: "متروك".
فكأنّ الحديث عند سفيان كان على وجهين: أحدهما عن حكيم بن جبير، والثاني عن زيد بن الحارث، كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه.
ومحمد وأبوه عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعيّ كلاهما ثقة، وأبوه من رجال الشيخين، فلا وجه لكلام شعبة على حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث، وهو وإن كان ضعيفًا في محمد بن عبد الرحمن، فالحديث صحيح من وجه آخر.
قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أصحابنا، وبه يقول الثوريّ، وعبد الله بن المبارك، وأحمد، وإسحاق، قالوا: إذا كان عند الرجل خمسون درهمًا لم تحل له الصدقة".
وقال: "ولم يذهب بعض أهل العلم إلى حديث حكيم بن جبير ووسّعوا في هذا، وقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج، فله أن يأخذ من الزكاة وهو قول الشافعي وغيره من أهل الفقه والعلم".
وقوله: "خموش" هو مثل "خدوش" وزنًا ومعنى.
و"الكدوح": آثار الخدوش، وكلّ أثر من خدش أو عضّ أو نحوه فهو كدوح، ومنه يقال