القعنبيّ)، عنه، بإسناده، مثله. وهو في الموطأ في الزكاة (٢٩).
وقد صحَّ هذا الحديث مرسلًا وموصولًا، فإنّ معمر الذي وصله لم يتفرّد به، فقد رواه عبد الرزاق (٧١٥٢) عن الثوريّ، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مثله.
فلم يذكر اسم الصّحابي، ولا يضر ذلك، ولعلّه أبو سعيد ولكن من أجل الشّك لم يسمه.
ولكن قال أبو داود: "ورواه ابن عيينة، عن زيد كما قال مالك. ورواه الثّوريّ، عن زيد قال: حدثني الثبت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -". فالظاهر منه أنه يرجِّح الإرسال، ولكن رواية الثوريّ التي وصلتْ إلى أبي داود أكانت هكذا؟ أم وقع فيها خطأ ممن قبل الثوريّ، أو كان الثوريّ يروي تارة هكذا، وتارة عن رجل من أصحاب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما رواه عبد الرزاق، فالغالب أنّ هذا من الثوريّ نفسه، وعلى كلّ فإنّ رواية الثوريّ تقوي رواية معمر الموصولة.
وأشار ابن عبد البر إلى أنّ جماعة من الرواة وصلوا هذا الحديث عن زيد بن أسلم.
• عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا قَوْمٌ نَتَسَاءَلُ أَمْوَالَنَا؟ قَالَ: "يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ فَإِذَا بَلَغَ أَوْ كَرَبَ اسْتَعَفَّ".
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٠٠٣٣)، وعبد الرزاق (٢٠٠١٨) ومن طريقه الطبرانيّ في الكبير (١٩/ ٤٠٦) ومن طرق أخرى أيضًا كلّهم من حديث بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جدّه، فذكره. قال الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ١٠٠): "رجاله ثقات".
قلت: وهو كما قال، وإسناده حسن من أجل بهز فإنه حسن الحديث.
وقوله: "الفَتْق" وهو الشِّقُّ، والخلاف بين الجماعات وتصدع الكلمة، فيجوز سؤال الرجل ليصلح به بين قومه ما حصل من الجراحات والدّماء.
وأمّا ما رواه أبو داود (١٦٣٧) من طريق عطية، عن أبي سعيد بلفظ: "لا تحل الصدقة لغني إلا في سبيل الله، أو ابن السبيل، أو جار فقير يتصدّق عليه، فيُهدي لك أو يدعوك". ففيه زيادة "ابن السبيل"، وعطية هو ابن سعد العوفي لا يحتج بحديثه، كما قال المنذريّ.
وفي الباب ما رُوي عن زياد بن الحارث الصُّدائيّ، قال: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَايَعْتُهُ -فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلا- قَال: فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَال: أَعْطِنِي مِن الصَّدَقَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ".
رواه أبو داود (١٦٣٠) عن عبد الله بن مسلمة، حدّثنا عبد الله -يعني ابن عمر بن غانم-، عن عبد الرحمن بن زياد، أنه سمع زياد بن نُعيم الحضرميّ، أنه سمع زياد بن الحارث الصّدائيّ، فذكره.