والعبد.
وهذا إسناد حسن، ولكن اختلف الرواة على الزهريّ كما ذكره أبو داود، فمنهم من أرسله، ومنهم من وصله مع اختلاف في اسم شيخ الزهري -ثعلبة بن عبد الله- فمنهم من قلّب، فقال: عبد الله بن ثعلبة، وهذا كله يدل على أن الرواة عن الزهري لم يضبطوا لفظ الحديث كما لم يضبطوا إسناده.
ولذا قال الدارقطني في "علله": "هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه" ثم ذكر تفصيل ذلك.
انظر: "نصب الراية" (٢/ ٤٠٧).
وكذلك قال أيضًا ابن دقيق العيد في "الإمام": وقد سأل مُهنا الإمامَ أحمد عن حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف صاع من بُرٍّ، فقال: ليس بصحيح، إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهريّ مرسلًا. قال مهنا: قلت: من قبل منْ هذا؟ قال: من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوي في الحديث، وضعّف حديث ابن أبي صعير. قال: وسألته عن ابن أبي صعير أهو معروف؟ فقال: ومن يعرف ابن أبي صعير؟ ليس هو معروف.
وذكر أحمد وابن المديني ابن أبي صعير فضعّفاه جميعًا. انظر: نصب الراية، وقد أطال في تضعيف هذا الحديث.
وقال البيهقي رحمه الله: "وقد وردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاع من بر، ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شيء من ذلك قد بينت علّة كلّ واحد منها في الخلافيات. وروينا في حديث أبي سعيد الخدريّ، وفي الحديث الثابت عن ابن عمر أن تعديل مدين من بر وهو نصف صاع بصاع من شعير وقع بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وبالله التوفيق".
وقال ابن المنذر: "لا نعلم في القمع خبرًا ثابتًا عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت، إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم".
ثم أسند عن عثمان، وعلي، وأبي هريرة، وجابر، وابن عباس، وابن الزبير، وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنّهم رأوا أنّ في زكاة الفطر نصف صاع من قمح. انتهى.
قال الحافظ في "الفتح" (٣/ ٣٧٤): "بعد هذا النقل من ابن المنذر: "وهذا مصير منه إلى اختبار ما ذهب إليه الحنفية. وقال: لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافًا للطحاويّ" انتهى.
قلت: وللحديث شواهد كلّها ضعيفة وأشهرها ما رواه الحسن قال: خطب ابن عباس في آخر رمضان على منبر البصرة، فقال: أخرجوا صدقة صومكم، فكأن الناس لم يعلموا. فقال: مَنْ هاهنا من أهل المدينة؟ فقوموا إلى إخوانكم فعلّموهم، فإنّهم لا يعلمون. فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه