عن عروة (كذا والصواب عزرة)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره مختصرًا.
ومن طريقه رواه البيهقيّ (٤/ ٢٣٠) بتمامه.
وفي اختصار أبي داود أو من دونه شيء من الخلل في معنى الحديث؛ ولذا نقلت الحديث كاملًا من سنن البيهقيّ. وعزرة هو ابن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعيّ شيخ لقتادة.
فقه الحديث:
يفهم من هذه الآيات والأحاديث أنّ الناس على ثلاثة أقسام:
١ - المريض والمسافر، فهما لا يصومان بل يفطران، ويقضيان بعدة أيام من أيام أخر.
٢ - الصحيح المقيم. كان مخيرًا في البداية بين الصيام وبين الإطعام، إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كلّ يوم مسكينًا، فإن أطعم أكثر من مسكين عن كلّ يوم فهو خير، وإن صام فهو أفضل من الإطعام.
وقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}. وتقديره: وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية.
ثم نُسخ ذلك بقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
فأثبت الله الصّيام على المقيم الصحيح الذي يطيق الصّيام.
٣ - الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة اللذان لا يستطيعان الصيام.
ففيه مذهبان:
الأول: أن يطعموا مكان كلّ يوم مسكينًا.
واستدلوا بقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فبقي حكمها في هؤلاء كما قال ابن عباس.
وهو قول أبي حنيفة وأحد قولي الشافعي، وعليه أكثر العلماء كما قال ابن كثير.
وهو اختيار البخاري قال: "وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام، فقد أطعم أنس بعد ما كَبِر عامًا أو عامين كلّ يوم مسكينًا خبزًا ولحمًا وأفطر" "الفتح" (٨/ ١٧٩).
المذهب الثاني: لا يجب عليهم إطعام لضعفهم عن الصوم فهم كالصبي الذي لا يجب عليه الفدية؛ لأنّ الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وبه قال مالك وهو القول الآخر للشافعي.
واختلف في الحامل والمرضع ومن أفطر لكبر ثم قوي على الصوم على مذاهب:
١ - قيل: هم يلحقون بالمذهب الثاني؛ لأنهم لما لم يكونوا قادرين على الصوم عند إيجابه فلا يجب عليهم الفدية ولا القضاء.
٢ - وقال أحمد والشافعي: يطعمون ويقضون.