للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للواقع على أهله: "هل تجد رقبة تعتقها؟ " قال: لا، قال: "فهل تستطيع أن نصوم شهرين متابعين؟ ". قال: لا. قال: "فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ ". قال: لا. وذكر سائر الحديث وهذا لفظ الترتيب، والأخذ بهذا أولي من رواية مالك لأن أصحاب الزّهريّ اتفقوا على روايته هكذا سوى مالك وابن جريج فيما علمنا، واحتمال الغلط فيهما أكثر من احتماله في سائر أصحابه؛ ولأن الترتيب زيادة، والأخذ بالزيادة متعين. ولأنّ حديثنا لفظُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثهم لفظ الرّاوي، ويحتمل أنه رواه بـ "أو" لاعتقاده أن معنى اللّفظين سواء، ولأنّها كفارة فيها صوم شهرين متتابعين، فكانت على الترتيب ككفارة الظِّهار والقتل" انتهى كلامه.

٣ - ذهب مالك في "الموطأ" إلى أن المفطر في رمضان بأكل أو شرب، أو جماع أنّ عليه الكفارة المذكورة، كما يدل عليه ظاهر الحديث الذي لم يقيد بالجماع. وبه قال أبو حنيفة وأصحابه.

وعند الشافعي في رواية: عليه مع القضاء العقوبة لانتها كهـ حرمة الشهر. وقال أحمد: لا أقول بالكفارة إلا في الفتيان. ذكره الأثرم أي عليه القضاء ولا كفارة عليه.

والقول الثاني للشافعي: عليه القضاء وليس عليه الكفارة؛ لأنّ الحديث ورد في المجامع، وليس الأكل منه. بدليل إجماعهم أن المستقيء عاما عليه القضاء فقط.

٤ - ذهب جمهور أهل العلم منهم الأئمة الأربعة وغيرهم أن المجامع في رمضان عليه قضاء ذلك اليوم مع الكفارة، للزيادة التي ثبتت في الحديث كما مضى.

قال ابن عبد البر: ومن جهة النظر والقياس أن الكفارة عقوبة للذنب الذي ركبه، والقضاء بدل من اليوم الذي أفده، فكما لا يسقط عن المفسد حجّه بالوطء البدل إذا أهدى، فكذا قضاء اليوم". الاستذكار (١٠/ ١٠٠). وقال الشافعي في أحد قوليه: من لزمه الكفارة لا قضاء عليه؛ لأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يأمر الأعرابي بالقضاء.

وحكي عن الأوزاعي: إن كفّر بالصيام فلا قضاء عليه، لأنه صام شهرين متتابعين.

٥ - وليس في الحديث ما يدل على أن الكفارة لا تلزم الفقير كما ذهب إليه البعض محتجًا بظاهر الحديث؛ بل الحديث يدل على عكس من ذلك فإنّ الأعرابي الذي قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أطعم ستين مسكينًا". فقال: لا أجد. فلم يسقط عنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بل أمهله، فلما جاء له. قال: "خذ هذا وتصدَّق". فأخبر أنه ليس بالمدينة أحوج إليه منه.

وقد ثبت في الحديث: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غني، فلم ير له أن يتصدّق على غيره ويترك نفسه وعياله.

ففيه تأجيل لا تعطيل، فمتى ما يجد يجب عليه، سواء يتصدق على أهله أو على غيره.

أو أنه يحمل على أن هذا خاص لذلك. الرجل، ولو أن رجلًا فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من

<<  <  ج: ص:  >  >>