• عن جابر بن عبد الله، قال: قال عمر بن الخطاب: هششتُ فقبلتُ وأنا صائم. فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرًا عظيمًا! قبلتُ وأنا صائم؟ قال: "أرأيتَ لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم؟ ". قلت: لا بأس. قال: "فَمَهْ؟ ! ".
صحيح: رواه أبو داود (٢٣٨٥)، وأحمد (١٣٨)، والبيهقي (٤/ ٢٦١)، وصححه ابن خزيمة (١٩٩٩)، وابن حبان (٣٠٤٤)، والحاكم (١/ ٤٣١) كلّهم من حديث الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد الله، عن عبد الملك بن سعيد، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
ولكن فيه عبد الملك بن سعيد ليس من رجال البخاري، وإنما أخرج له مسلم.
وإسناده صحيح، وليس فيه علة، ولكن نقل المنذري عن النسائي أنه قال: "هذا حديث منكر".
كذا قال! ولا أعرف سبب النكارة.
ورده الذهبي في "الميزان" (٢/ ٦٥٥) في ترجمة عبد الملك بن سعيد، عن جابر، فذكر الحديث. ثم نقل قول النسائي، وقال: "رواه بكير بن الأشج، وهو مأمون عن عبد الملك، وقد روى عنه غير واحد، فلا أدري ممن هذا؟ " انتهى.
وقوله: "هششت" الهشاشة والهشاش: الارتياح والخفة والنّشاط.
وأما ما رُوي عنه بخلاف هذا، وهو أنه رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في المنام قال: فرأيته لا ينظرني. فقلت: يا رسول الله، ما شأني؟ فالتفت إليَّ فقال: "ألستَ المقبِّلَ، وأنتَ الصَّائم؟ ". فوالذي نفسي بيده لا أقبل وأنا صائم امرأةً ما بقيتُ.
فهو ضعيف. رواه البزار -كشف الأستار (١٠١٨) -، والبيهقي (٤/ ٢٣٢) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن عمر بن حمزة، ثنا سالم، عن عبد الله بن عمر، عن عمر بن الخطاب، فذكره.
قال البزار: "لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا اللفظ، وقد رُوي عن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخلاف هذا" انتهي.
وقال الهيثمي في "المجمع" (٣/ ١٦٥): رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
قلت: وهو كما قال إلا أنّ كلامه يُشعر بصحة الحديث، فإن عمر بن حمزة وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب وإن كان من رجال مسلم إلا أنه ضعيف، ضعفه أكثر أهل العلم، وبأنه روي حديثًا مخالفًا لا تقوم به الحجة كما قال الطحاوي (٣٢٨٩) وفي كلامه نكارة.
قال البيهقي: تفرد به عمر بن حمزة، فإن صح فعمر بن الخطاب كان قويًا مما يتوهم تحريك القبلة شهوته، ففيه رد على وجهن كما قال ابن التركماني: أحدهما: إن عمر بن حمزة ضعفه ابن معين.
وقال أبو أحمد والرازي: أحاديثه مناكير.