وفي الباب ما رواه الترمذي (٧٢٦) مخالفا له، عن عبد الأعلى بن واصل، ثنا الحسن بن عطية، ثنا أبو عاتكة، عن أنس بن مالك، قال: جاء رجل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال: "نعم".
قال الترمذي: "إسناده ليس بالقوي، ولا يصح عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الباب شيء، وأبو عاتكة ضعيف".
قلت: وهو كما قال، وأبو عاتكة اسمه طريف بن سلمان، قال البخاري: "منكر الحديث". وقال النسائي: "ليس بثقة".
والحسن بن عطية هو ابن نجيح القرشي الكوفي البزار. قال أبو حاتم: "صدوق". وضعّفه الأزدي كما في "الميزان".
وفي الباب ما روي أيضًا عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جده: "أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان يكتحل بالإثمد وهو صائم". رواه الطبراني في "الكبير" (١/ ٢٩٦).
ورواه البيهقي (٤/ ٢٦٢) وقال: محمد بن عبيد الله ليس بالقوي.
قلت: وهو كما قال فإنّ محمد بن عبيد الله بن أبي رافع الهاشمي مولاهم الكوفيّ ضعيف باتفاق أهل العلم، قال الدارقطني: "متروك، وله معضلات".
وبه أعلّه الهيثميّ في "المجمع" (٣/ ١٦٧). وشذّ ابن حبان فذكره في "الثقات" (٧/ ٤٠٠).
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن عائشة، قالت: "اكتحل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وهو صائم".
رواه ابن ماجه (١٦٧٨) عن أبي التقي هشام بن عبد الملك الحمصيّ، قال: حدّثنا بقية، قال: حدّثنا الزبيدي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، فذكرته.
ورواه البيهقي (٤/ ٢٦٢) من وجه آخر عن أحمد بن أبي الطيب، حدثنا بقية بن الوليد، عن سعيد الزبيدي، بإسناده.
قال البيهقي: سعيد الزبيدي من مجاهيل شيوخ بقية، ينفرد بما لا يتابع عليه".
قلت: سعيد الزبيدي هو سعيد بن عبد الجبار الحمصي، وهو سعيد بن أبي سعيد ضعيف باتفاق أهل العلم.
ورواه ابن عدي في "الكامل" (٣/ ١١٤١) في ترجمة سعيد بن أبي سعيد، وقال: "هو شيخ مجهول، وأظنه حمصي، حدث عنه بقية، وحديثه ليس بمحفوظ".
قلت: وفيه بقية وهو ابن الوليد مدلس وقد عنعن.
وخلاصة القول أنه لا يثبت شيء في هذا الباب؛ ولذا يكون الاكتحال على البراءة الأصلية، أنه غير مفطر كما قال ابن عبد الهادي في "التنقيح" (٣/ ٢٥٠): "والأظهر في الجملة أن الكحل لا يفطر الصائم لعدم الدليل على ذلك من نصِّ أو قياس صحيحين".