"حُجِّي عنها".
وفي رواية: "صوم شهرين".
صحيح: رواه مسلم في الصيام (١١٤٩) من طريق عبد الله بن عطاء، عن عبد الله بن بريدة، به.
وفي رواية من طريق عبد الله بن عطاء المكيّ، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، مثله. وقال: "صومُ شهر".
قلت: وظاهر الحديث يدل على أنَّ الميت بصوم عنه وليُّه سواء كان الصّوم من رمضان أو من نذر؛ لأنَّ ذمّة الميت مشغولة به، ولأنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قاسه على الدَّيْن، والدَّين يُقضى عن الميت لبراءة ذمّته. وهو قول أهل الحديث كما قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٤/ ١٩٣).
قال الترمذيّ: "اختلف أهل العلم في هذا الباب، فقال بعضهم: يصام عن الميت. وبه قال أحمد وإسحاق قالا: إذا كان على الميت نذر صيام، يصوم عنه. وإذا كان عليه قضاء رمضان أُطعم عنه. وقال مالك، وسفيان، والشافعي: لا يصومُ أحدٌ عن أحد". انتهى.
قلت: وأمّا الشافعي فعلَّق الحكم في القديم على صحة الحديث كما نقله البيهقيّ في "المعرفة" (٦/ ٣٠٩)، وقال في "الخلافيات": "هذه المسألة ثابتة، لا أعلم خلافًا بين أهل الحديث في صحتها. فوجب العمل به. ونقل عن الشافعي أنه قال: كل ما قلتُ، وصحَّ عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - خلافه، فخذوا بالحديث ولا تقلِّدوني".
وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنه لا يصام عن الميت قياسا على الصّلاة.
والمختار فيه ما قاله أحمد: يصام نذر صيام لأنه ليس له بديل بخلاف صيام رمضان فإن له بديلًا وهو الإطعام وهو قول ابن عباس كما ذكره أبو داود (٢٤٠١)، وإنْ صام الأوّلياء عن الميت فلا حرج عليهم لعموم الحديث، ولهم أن يصوموا كيف شاؤوا مجتمعين أو متفرقين بأن يصوم ثلاثون رجلًا يومًا واحدًا، أو يصوم واحدٌ ثلاثين يومان وكذا أن يُقسِّمَ ثلاثة نفر كل واحد منهم عشرة أيام، فكلها صحيحة.
وأمّا ما رُوي عن ابن عمر، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من مات وعليه صوم شهر فليطعم عنه مكان كلّ يوم مسكينًا" فهو ضعيف.
رواه الترمذيّ (٧١٨)، وابن ماجه (١٧٥٧)، وابن خزيمة (٢٠٥٦) كلّهم من طريق أشعث، عن محمد بن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ومحمد في هذا الإسناد جاء من ثلاثة أوجه، جاء غير منسوب عند الترمذيّ، فقال: هو عندي ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى. وجاء عند ابن ماجة منسوبًا إلى ابن سيرين. وقد نبَّه على ذلك المزّي وغيره.
وجاء منسوبًا إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى عند ابن خزيمة وهو صحيح.
وإسناده ضعيف من أجل محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى فإنه سيء الحفظ.