للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليلة من ذلك أن أنصب له حصيرا على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن صلى العشاء الآخرة. قالت: فاجتمع إليه من في المسجد فصلي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا طويلًا، ثم انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل وترك الحصير على حاله، فلما أصبح الناس تحدّثوا بصلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن كان معه في المسجد تلك الليلة. قالت: وأمسى المسجد راجّا بالناس، فصلّى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشاء الآخرة، ثم دخل بيته وثبت الناس. قالت: فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما شأن الناس يا عائشة؟ ". قالت: فقلت له: يا رسول الله، سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلى بهم. قالت: فقال: "أطوِ عنا حصيرك يا عائشة". قالت: ففعلت وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير غافل، وثبت الناس مكانهم حتى خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الصبح. فقالت: فقال: "أيها الناس! أما والله! ما بِتُ -والحمد لله- ليلتي هذه غافلًا وما خفي عليَّ مكانكم ولكني تخوفت أن يفترض عليكم فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا".

قال: وكانت عائشة تقول: إنَّ أحبَّ الأعمال إلى الله أدومُها وإن قلَّ.

حسن: رواه الإمام أحمد (٢٦٣٠٧)، والطبراني في الأوسط (٥٢٧٧) كلاهما من حديث محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن عائشة، فذكرته.

قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن محمد بن إبراهيم التيمي إلا محمد بن إسحاق، تفرَّد به محمد بن سلمة الحراني.

قلت: ليس كما قال، فقد تابع محمد بن إسحاق محمد بن عمرو وهو الليثيّ في أصل القصة.

ومن طريقه رواه أبو داود (١٣٧٤) مختصرًا.

وليس فيه أنه صلى ليلة واحدة، بل أحال أبو داود إلى أصل القصة التي يرويها ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، وفيها أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخرج من الليلة الثالثة.

فالظاهر أن ابن إسحاق وَهِم في جعله صلاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ليلة واحدة، فإنه لم يتابع على ذلك، ولكن يعكّر عليه ما ذكره أحمد (٢٦٠٣٨) عن محمد بن عمرو. وفيه: "فلما كانت الليلة الثانية كثروا، فأطلع عليهم، فقال: "اكلفوا من الأعمال ما تطيقون. فإنّ الله لا يملّ حتى تملُّوا". فالله أعلم هل تعددت القصة أو هو آخر من وَهِم.

وأما قول الطبراني: "تفرد به محمد بن سلمة الحراني" فليس كما قال، بل تابعه أبو يعقوب وهو إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري.

<<  <  ج: ص:  >  >>