قال: وكان الناس يصلون عصبًا عصبًا، قال: فلما كان ذات ليلة رفع باب القبة، فأطلع رأسه، فلما رآه الناس أنصتوا، فقال: "إن المصلي يناجي ربَّه، فلينظر أحدكم ما يناجي به ربَّه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن".
قال ابن عبد البر: هكذا قال حماد بن زيد في هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن محمد، عن أبي حازم، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، مرسلًا. ولم يذكر البياضي.
كذلك رواه كل من رواه عن حماد بن زيد. وقال: وقد روي هذا الحديث يزيد بن الهادي، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي حازم، عن البياضي
وعن محمد بن إبراهيم، عن عطاء بن يسار، عن البياضي
قلت: ومن هذين الطريقين رواه النسائي في الكبرى (٢/ ٢٦٤).
ثم قال ابن عبد البر: "وحديث البياضي، وحديث أبي سعيد ثابتان صحيحان" انتهى.
وأما حديث أبي سعيد، فهو الآتي:
• عن أبي سعيد، قال: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقرآن، فكشف الستر، فقال: "ألا إنّ كلكم مناج ربَّه، فلا يؤذينّ بعضكم بعضًا. ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة". أو قال: "في الصلاة".
صحيح: رواه أبو داود (١٣٣٢) وعنه ابن عبد البر، عن الحسن بن علي، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، فذكره.
ورواه الإمام أحمد (١١٨٩٦) عن عبد الرزاق -وهو في مصنفه (٤٢١٦) - وصحّحه ابن خزيمة (١١٦٢)، والحاكم (١/ ٣١٠ - ٣١١).
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين".
وصحّحه ابن عبد البر كما سبق.
• عن ابن عمر، أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - اعتكف، وخطب النّاس، فقال: "أما إنّ أحدكم إذا قام في الصلاة فإنه يناجي ربَّه، فليعلم أحدكم ما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة في الصلاة".
صحيح: رواه الإمام أحمد (٤٩٢٨) وعنه الطبراني في الكبير (١٢/ ٤٢٨) عن إبراهيم بن خالد، حدّثنا رباح، عن معمر، عن صدقة المكي، عن عبد الله بن عمر، فذكره.
وإسناده صحيح. وصدقة المكي هو صدقة بن يسار الجزري المكي، مات في أول خلافة بني العباس، وكان ذلك سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهو من رجال الصحيح.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (٥٣٤٩)، وابن خزيمة (٢٢٣٧) كلاهما من طريق ابن أبي ليلى، عن