كأنّها من كتاب، روى عنه عيسي بن يونس، وإسحاق بن سليمان أحاديث مناكير كأنّها من حفظه".
وقال البخاريّ: "أحاديثه عن الزهريّ مستقيمة من كتاب، وروى عنه عيسي بن يونس، وإسحاق ابن سليمان أحاديث مناكير كأنها من حفظه".
إذا عرفنا الفرق بين معاوية بن يحيى الأطرابلسي ومعاوية بن يحيى الصّدفي بأنّ الأوّل حسن الحديث، والثاني ضعيف.
فاعلم أنه وقع الحافظ ابن حبان في خلط قبيح جدًا، فجمع بينهما في "المجروحين" (١٠٢٢) فقال: "معاوية بن يحيى الصّدفي الأطرابلسيّ، كنيته أبو مطيع، مولده بأطرابلس من سواحل دمشق، يروي عن الزهريّ، كان على بيت المال بالرّي انتقل إليها، وكان كنيته أبو روح، روى عنه عيسي بن يونس وإسحاق بن سليمان، منكر الحديث جدًا، كان يشتري الكتب ويحدّث بها، ثم تغيّر حفظه، فكان يحدّث بالوهم فيما سمع من الزهري وغيره، فجاء رواية الراويين عنه إسحاق بن سليمان وذووه كأنها مقلوبة. وفي رواية الشاميين عنه الهقل بن زياد وغيره أشياء مستقيمة تشبه حديث الثقات".
هذا الكلام كله في الصّدفي كما سبق من كلام أبي حاتم، والبخاريّ، فالذي يظهر أنه سبق قلم من ابن حبان الذي يترجم الصدفي فجاء على قلمه الأطرابلسي خطأ؛ لأنه قال: كنيته أبو مطيع ثم يقول: كنيته أبو روح. والصّدفي كنيته أبو روح.
وقد نبّه على هذا الخلط الذي وقع من ابن حبان الحافظ الدارقطني في تعليقاته على كتاب المجروحين (ص ٢٥٦ - ٢٥٧) فقال: "قد خلّط أبو حاتم في هذا الباب تخليطًا قبيحًا - هما رجلان يقال لكل واحد منهما معاوية بن يحيى الصّدفيّ، يكنى أبا روح، وهو الذي روى عن الزهري ما ذكره ها هنا وغير ذلك، وهو الذي كان على بيت المال بالري، وهو الذي روى عنه الهقل بن زياد وعيسى بن يونس وإسحاق بن سليمان الرازيّ وغيرهم.
والآخر يكنى أبا مطيع وهو الأطرابلسيّ وهو الذي روى حديث عكاف بن وداعة المذكور ها هنا، وهو الذي روى حديث خالد الحذّاء ها هنا وهو أكثر مناكير من الصّدفي، وإنما فسدت رواية الصّدفي لأنه غابت عنه كتبُه فحدّث من حفظه، وسماع الهقل بن زياد منه من كتابه، فلست ترى فيها خطأ ولا مقلوبًا، والله أعلم".
نقلًا من تعليقات الدكتور موفق عبد القادر على "الضعفاء والمتروكين" للدارقطنيّ؛ لأنّ الطبعة الهندية "للمجروحين" لا توجد في مكتبتي.
ولكن الحافظ الدارقطني نفسه وقع في وهم، فقال في الأطرابلسيّ: "ضعيف" كما في "تهذيب" المزيّ، وفي "تقريب" الحافظ: "الطرابلسيّ أقوى من الصّدفي، وعكس الدارقطنيّ".
والخلاصة: أنّ إسناد حديث أبي أمامة الباهليّ حسن؛ لأنه من رواية معاوية بن يحيي