عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ".
صحيح: رواه أبو داود (١٨٦٣)، والترمذيّ (٩٤٠)، والنسائي (٢٨٦١)، وابن ماجه (٣٠٧٧) كلّهم من طريق يحيى بن سعيد، عن الحجاج الصواف، قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن الحجاج بن عمرو، فذكره.
قال: فحدثتُ به ابن عباس وأبا هريرة فقالا: صدق.
وفي رواية قال عكرمة: سألت ابن عباس، وأبا هريرة؟ قالا: صدق.
وإسناده صحيح.
ومن هذا الوجه رواه أيضًا أحمد (١٥٧٣١) وصحّحه الحاكم (١/ ٤٧٠، ٤٨٢ - ٤٨٣) إلّا أنه رواه من وجه آخر عن الحجاج الصواف وقال: "صحيح على شرط البخاريّ".
وزاد في الموضع الثاني: وقيل: عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو.
قلت: وإليه أشار الترمذيّ أيضًا بعد أن قال: "هذا حديث حسن صحيح. هكذا رواه غير واحد عن الحجاج الصواف نحو هذا الحديث. وروي معمر ومعاوية بن سلام هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن عبد الله بن رافع، عن الحجاج بن عمرو، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وحجاج الصواف لم يذكر في حديثه عبد الله بن رافع. وحجاج ثقة حافظ عند أهل الحديث.
وسمعت محمدًا يقول: رواية معمر ومعاوية بن سلام أصح".
ثم أخرجه هو وأبو داود وابن ماجه كلهم من طريق عبد الرزاق، عن معمر بإسناده كما قال البخاري وغيره.
إلّا أنّ هذا لا يعل الحديث بالإسناد الأول فإنه متصل أيضًا، لا سيما وقد صرّح بالسماع من الحجاج بن عمرو، وقد نصّ الترمذيّ نفسه على تصحيحه، وصحّحه الحاكم على شرط البخاريّ.
فلعلّ عكرمة سمع هذا الحديث من وجهين، وقد صرّح عند الترمذيّ سماعه من الحجاج بن عمرو الأنصاريّ، وكذلك قال أيضًا البيهقيّ في السنن الكبري (٥/ ٢٢٠) ونقل عن علي بن المديني أنه قال: "الحجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير أثبت".
وفي الحديث دليل على أن المحصر لا يكون من العدو فقط كما قال الشافعي وأهل المدينة، بل يكون أيضًا من المرض وغيره كما قال أبو حنيفة وأهل الكوفة، وهو مذهب ابن مسعود. راجع "المنة الكبرى" (٤/ ٣٧٥ - ٣٧٦).
وأمّا القضاء فهو تابع للفرض والنفل، فإن كان الحج أو العمرة فرضًا فعليه القضاء، وإن كان نفلًا فلا قضاء عليه. وعليه الجمهور.
وقال أبو حنيفة: عليه القضاء سواء كان فرضًا أو تطوّعًا.
وقد فصلتُ القول في الإحصار وأسبابه وأحكامه وأدلة كل واحد من أهل العلم والراجح في