للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَاِئمَةً أَحْرَمَ ثُمَّ قَال: "هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَفْعَلُ".

صحيح: رواه البخاريّ في الحج (١٥٥٤) عن سليمان بن داود أبي الربيع، حدّثنا فليح، عن نافع، به.

وأما ما رُوي عن ابن عمر، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "أنّه ادّهن بزيت غير مقتّت وهو محرم" فهو ضعيف.

رواه الترمذي (٩٦٢)، وابن ماجه (٣٠٨٣)، والإمام أحمد (٤٧٨٢) وابن خزيمة (٢٦٥٢) كلّهم من طريق حماد بن سلمة، عن فرقد السّبخيّ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، فذكره.

المقتّت: المطيّب. قاله الترمذي، وقال: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلّا من حديث فرقد السّبخيّ عن سعيد بن جبير، وقد تكلم يحيى بن سعيد في فرقد السبخيّ، وروى عنه الناس".

قلت: وهو كما قال فإنه تكلم فيه غير واحد من أهل العلم.

قال ابن خزيمة: أنا خائف أن يكون فرقد السبخيّ واهمًا في رفعه هذا الخبر. فإنّ الثوريّ روي عن منصور، عن سعيد بن جبير، قال: "كان ابن عمر يدهن بالزيت حين يريد أن يحرم".

ومن هذا الوجه أخرجه البخاريّ في الحجّ (١٥٣٧)، وابن خزيمة في صحيحه (٢٦٥٣) وقال: "ومنصور بن المعتمر أحفظ وأعلم بالحديث وأتقن من عدد مثلي فرقد السبخي، وهكذا رواه حجاج بن منهال، عن حماد" انتهى.

ثم قال: ورواه وكيع بن الجراح، عن حماد بن سلمة، فقال: "عند الإحرام". ورواه الهيثم بن جميل، عن حماد فقال: "إذا أراد أن يحرم".

وردّ عليه ابن خزيمة فقال: "اللّفظة التي ذكرها وكيع والتي ذكرها الهيثم ابن جميل لو كان الدُّهن مقتّتًا بأطيب الطيب جاز الادّهان به إذا أراد الإحرام، إذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد تطيّب حين أراد الإحرام بطيب فيه مسك، والمسك أطيب الطيب على ما خبّر المصطفي - صلى الله عليه وسلم -".

وفي صحيح البخاريّ (١٥٣٧) عن سعيد بن جبير، قال: "كان ابن عمر يدّهن بالزيت" فذكرته لإبراهيم: فقال: ما تصنع بقوله: حدثني الأسود، عن عائشة، قالت: "كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم".

والخلاصة فيه أن حديث ابن عمر موقوف عليه؛ لأنّ أصحاب حماد بن سلمة اختلفوا عليه، فوهم فرقد السّبخيّ فرفعه وغيره وقفوه.

كان ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكره استدامة الطيب بعد الإحرام، وابنه عبد الله يتبعه في ذلك، وكانت عائشة تنكر عليه.

روي سعيد بن منصور من طريق عبد الله بن عبد الله بن عمر، أنّ عائشة كانت تقول: "لا بأس بأن يمس الطيب عند الإحرام" قال: "فدعوت رجلًا وأنا جالس بجنب ابن عمر، فأرسلته إليها،

<<  <  ج: ص:  >  >>