فقد وصله أيضًا اثنان: عبيد الله بن عمر عند الطبراني في "الصغير"، وزهير بن معاوية عند البزار - كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: فذكر الحديث.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (٢٢/ ٢٦٢) من وجه آخر مسندًا عن القاسم بن محمد، عن ابن أبي نجيح، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، أنه عليه السلام قال له (فذكر الحديث).
فلا وجه لتعليل الحديث بالإرسال كما قال البزّار، ثم استدركهـ بقوله: "إلّا أن محمد بن عمر ابن هياج قد حدثناه فذكره متصلًا، وفيه زيادة علم".
وقد فسّر الشافعي فعل عبد الرحمن بن عوف فقال: أحسب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لعبد الرحمن: "أصبتَ" أنه وصف له أنه استلم في غير زحام، وترك في زحام. الأم (٢/ ١٧٢).
قلت: وعمل السّلف يقوّي هذا.
فعن عطاء قال: إنه سمع ابن عباس يقول: إذا وجدتَ على الرّكن زحامًا فلا تؤذِ أحدًا، ولا تؤذ وامضِ.
رواه عبد الرزاق (٨٩٠٨) عن ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، فذكره.
وعن منبوذ بن أبي سليمان، عن أمّه أنها كانت عند عائشة أمّ المؤمنين، فدخلتْ عليها مولاة لها فقالت: يا أمّ المؤمنين! طفتُ بالبيت سبعًا، واستلمت الرّكن مرتين أو ثلاثًا! فقالت عائشة: لا أجرك الله، لا أجرك الله، تدافعين الرجال؟ ! ألا كبّرت ومررت.
رواه الشافعي في الأم (٢/ ١٧٢) عن سعيد بن سالم، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن منبوذ بن أبي سليمان، فذكره.
قال البيهقيّ (٥/ ٨١): وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقول لهن: إذا وجدتن فرجة من الناس فاستلمن، وإلا فكبّرن وامضين.
وأما ما رُوي عن عمر بن الخطاب أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال له: "يا عمر؟ ! إنّك رجلٌ قويٌّ، لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضّعيف، إن وجدتَ خلوةٌ فاستلمه، وإلّا فاستقبله فهلّل وكبّر" فهو ضعيف.
روي من وجهين أحدهما مرفوعًا متصلًا.
وهو ما رواه البيهقيّ (٥/ ٨٠) عن شيخه أبي عبد الله الحافظ، ثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ، ثنا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ إملاء في مسجد رجاء بن معاوية، أنبأ علي بن عبد الله، ثنا مفضل بن صالح، عن محمد بن المنكدر، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب، فذكره.
ومفضل بن صالح هو الأسديّ النّخاس، قال فيه البخاري: "منكر الحديث"، وقال أبو حاتم: "منكر الحديث"، وفي "التقريب": "ضعيف" مع خلاف في سماع سعيد بن المسيب من عمر بن الخطاب.
والطريق الثاني هو ما رواه عبد الرزاق (٨٩١٠)، والإمام أحمد (١٩٠) كلاهما من حديث