صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢٦٤) من حديث سعيد بن إياس الجريريّ، وعبد الله بن أبي حسين، وعبد الملك بن سعيد بن الأبحر، كلّهم من حديث أبي الطفيل.
ورواه الإمام أحمد (٢٧٠٧) من حديث أبي عاصم الغنويّ، عن أبي الطفيل بأطول مما رواه مسلم. ورواه أيضًا أبو داود (١٨٨٥) إلا أنه اختصره.
وأبو عاصم الغنويّ هذا وثقه ابن معين كما في "التهذيب"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، ولكن لم يعرفه أبو حاتم، كما أنه لم يرو عنه سوى حماد بن سلمة؛ ولذا قال الحافظ في "التقريب": "مقبول" أي إذا توبع، وقد توبع في أكثر أجزاء الحديث. انظر حديثه كاملًا في باب سبب رمي الجمرات.
وقوله:"صدقوا وكذبوا" يعني صدقوا في أنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رمل بالبيت ثلاثًا، وكذبوا في قولهم: إنه سنة مقصودة متأكدة؛ لأنّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يجعله سنة مطلوبة دائمًا على تكرار السنين، وإنما أمر به تلك السنة لإظهار القوّة عند الكفّار، وقد زال ذلك المعني.
هذا معنى كلام ابن عباس وهو مذهبه بأنّ الرّمَل ليس بسنة، والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ذهبوا إلى أنّ الرمل سنة مستحبة يصح الطواف بدونه، ولكنه تفوته الفضيلة ولا دم عليه.
وإليه يشير قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا نحب أن نتركهـ" كما سيأتي.
وقد جاء عن ابن عباس خلاف هذا بأن الرّمل سنة، وهو ما يأتي:
• عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل مر الظهران في عمرته بلغ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنّ قريشا تقول: ما يَتَباعَثُونَ من العَجَف، فقال أصحابه: لو انْتحرنا من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحَسَوْنا من مَرَقِه، أَصْبحنا غدًا حين ندخلُ على القومِ وبنا جَمامة قال: لا تَفعلُوا ولكن اجْمعُوا لي من أزوادِكم فجمعوا له وبَسَطُوا الأنطاعَ، فأكلوا حتى تولّوا، وحَثَا كلُّ واحدٍ منهم في جرابه، ثم أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل المسجدَ، وقعدتْ قريش نحو الحجْر، فاضطَبعَ بردائِه، ثم قال:"لا يَرَي القومُ فيكم غَميزةً". فاستلم الرُّكن، ثم دخل حتى إذا تغَيَّبَ بالرُّكن اليماني مشي إلى الرُّكن الأسود، فقالتْ قريش: ما يرضون بالمشي إنّهم لَينْقُزُون نَقْزَ الظِّبَاء، ففعل ذلك ثلاثةَ أطْوافٍ، فكانت سنّة.
قال أبو الطُّفيل: وأخبرني ابن عباس: أنّ النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك في حجّة الوداع.
حسن: رواه الإمام أحمد (٢٧٨٢) عن محمد بن الصباح، حدّثنا إسماعيل -يعني ابن زكريا-،