السائب صدوق، وإذا روي عنه الحديثُ مرفوعًا تارةً، وموقوفًا أخرى، فالحكم عند هؤلاء الجماعة للرفع، والنووي ممن يعتمد ذلك، ويُكثر منه، ولا يلتفت إلى تعليل الحديث به إذا كان الرافعُ ثقةً، فيجيء على طريقته أن المرفوع صحيح".
الثاني: أن عطاء بن السائب اختلط في آخره، وجرير ممن روى عنه بعد الاختلاط.
ولكن رواه الحاكم (١/ ٤٥٩) والبيهقي (٥/ ٨٧) من طريق سفيان الثوري عنه، والثوري ممن سمع منه قبل اختلاطه باتفاق، وإن كان قد اختلف علي سفيان، فرجح ابن حجر أنه عن سفيان موقوف.
وممن رواه عن عطاء بن السائب فُضيل بن عياض، ومن طريقه رواه الطحاوي في مشكله (٥٥٧٤) وابن حبان (٣٨٣٦) والحاكم (٢/ ٢٦٧) وابن عدي (٥/ ٢٠٠١) والبيهقي (٥/ ٨٥) وابن الجارود (٤٦١) من وجهين، فُضيل بن عياض، وموسي بن أعين.
وللحاكم إسناد آخر رواه من طريق الحميدي، ثنا سفيان بن عيينة، عن عطاء بن السائب فذكره مرفوعًا، ومن طريقه رواه البيهقي أيضًا.
قال الحاكم: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد أوقفه جماعة".
قال ابن عدي: "لا أعلم روي هذا عن عطاء بن السائب غير هؤلاء الذين ذكرتهم: موسي بن أعين، وفُضيل، وجرير".
كذا قال، وقد رواه أيضًا سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة كما مضى، إلا أنه قد اختلف عليهما في الرفع والوقف.
وأما قول الترمذي: "وقد رُوي هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره عن طاوس، عن ابن عباس موقوفًا، ولا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث عطاء بن السائب" ففيه نظر.
فإنه رُوي عن طاوس من وجوه:
منها: روي عنه موقوفًا كما قال الترمذي، وممن رواه عنه موقوفًا: عبد الله بن طاوس، وإبراهيم ابن ميسرة، كما ذكره البيهقي.
أخرج النسائي في الكبرى (٣٩٤٤) من رواية إبراهيم بن ميسرة.
ومنها روي عنه مرفوعًا: رواه عبد الرزاق في مصنفه (٩٧٨٨) ورواه عنه وعن روح -الإمامُ أحمد (١٥٤٢٣) قالا: ثنا ابنُ جريج قال: أخبرني حسن بن مسلم، عن طاوس، عن رجل قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنما الطوافُ صلاة، فإذا طفتم فأقلوا الكلام".
ورواه النسائي في الكبرى (٣٩٤٥) والبيهقي (٥/ ٨٧) عن عبد الرزاق وحده، وقال البيهقي: "وكذلك قاله عثمان بن عمر، وحجاجُ بن محمد عن ابن جريج" أي هؤلاء رفعوا هذا الحديث.
ولكن قال الإمام أحمد: "ولم يرفعه محمد بن بكر -وهو البرساني- ورفعه غيره كما رأيتَ".
قال الحافظ ابن حجر: "وهذه الرواية صحيحة، وهي تعضد رواية عطاء بن السائب، وترجح